الحرب تجرف أطفال السودان من المدارس إلى سوق العمل

بورتسودان – محمد أحمد يونس
مع تطاول أمد الحرب في السودان أضطر مئات الأطفال إلى الانخراط في سوق العمل لمساعدة أسرهم وتوفير حاجات الغذاء والدواء، وأجبرت الظروف الاقتصادية وخطر الجوع وتزايد معدلات الفقر كثير منهم الانخراط في مهن هامشية لمساعدة العائلات خصوصاً بعد نفاد المدخرات المالية.
ويعمل المئات من الأطفال في أسواق المدن الآمنة مثل بورتسودان والقضارف وعطبرة والأبيض، كما انخرط اليافعين الذين يقيمون في معسكرات إيواء النازحين في الأسواق.
مستقبل جيل على المحك
ويقدر عدد سكان السودان بنحو 46 مليون نسمة يشكل الأطفال منهم نحو نصف عدد السكان، ويعاني 3 ملايين طفل سوء التغذية، فيما توقف 19 مليوناً عن ارتياد المدرسة.
ووفقاً لتقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” فإن الصراع الدائر في السودان أدى إلى نزوح 3 ملايين ونصف المليون طفل، فضلاً عن أنهم باتوا بلا مأوى، وكثير منهم فقدوا أسرهم جراء الحرب التي خلفت أكبر أزمة للأطفال في العالم، مؤكدة أن الخطر لا يزال يحيط بنحو 24 مليون طفل سوداني بسبب الكارثة الإنسانية ذات الأبعاد الملحمية.
مسؤولية مبكرة
الطفل فوزي خضر (11) سنة، يعمل سوق مدينة بورتسودان في مهنة غسيل السيارات من أجل توفير المال لإعالة أسرته التي تقيم في إحدى معسكرات إيواء النازحين.
يقول لـ (التايمز نيوز) : بعد إغلاق المدارس لأبوابها وعدم وجود مؤشرات لاستئناف الدراسة، فضلاً عن نفاد المدخرات المالية لدي أسرتي، اضطررت للانخراط في سوق العمل من أجل توفير الاحتياجات لوالدتي واشقائي الأربعة، خصوصاً بعد وفاة والدي أثناء الحرب، مما جعلني اتولي مسؤولية العائلة.
وأضاف : احصل على مبلغ (30) ألف جنيه سوداني في اليوم، وفي نهاية اليوم اشتري مستلزمات المنزل، على رغم أن المبلغ لا يكفي لكل الاحتياجات.
وتابع : أعاني بشدة في المهنة التي أعمل فيها لأول مرة بحياتي، إذا أواجه استغلال من بعض أصحاب السيارات بجانب المعاملة القاسية.
مستقبل مجهول
وفي مدينة عطبرة يعمل الطفل الصادق الأمين (13) سنة في موقف المواصلات العامة بمهنة تلميع الأحذية (الورنيش) منذ الصباح الباكر وحتى الفترة المسائية.
يقول لـ (التايمز نيوز) : توفي والدي بمنطقة الشجرة في الخرطوم خلال الأشهر الأولي للحرب، وبعد ذلك اضطررنا إلى النزوح لمدينة عطبرة وبعد تفاقم الأوضاع ونفاد المدخرات المالية انخطرت في سوق العمل لأن أسرتي ليس لها معيل غيري، ولا يوجد لنا مصدر دخل ثابت يمكننا العيش منه.
وأضاف : أحصل في اليوم على (70) ألف جنيه سوداني، وهي بالكاد تكفي لتوفير الاحتياجات اليومية من غذاء ودواء وغيرها من المستلزمات الضرورية.
وتابع : أخشى ضياع مستقبلي الدراسي خصوصاً بعد تطاول أمد الحرب وعدم وجود مؤشرات للحل السلمي في الوقت القريب.
مخاطر الضياع
وبشأن أوضاع الأطفال في ظل الظروف الحالية، تقول الاختصاصية النفسية ماجدة عبد الله لـ (التايمز نيوز) إن “ظروف الحرب والفقر دفعت آلاف الأطفال إلى العمل في مهن هامشية من أجل توفير احتياجات أسرهم اليومية.
وأضافت أن “أطفال النزوح يعملون في ظروف بالغة القساوة وبمهن شاقة بالنسبة إلى أعمارهم، ويواجهون كل صور الاستغلال والضرر والمخاطر الصحية.
وتابعت : تداعيات الحرب السودانية مثل الفقر والبطالة هي سبب رئيس في تنامي ظاهرة عمالة الأطفال، إذ يعمل كثير منهم لمساعدة أسرهم، وينتهي الأمر بهؤلاء إلى التشرد والضياع.