نذر المواجهة.. قوات حماية الولايات

الخرطوم – مهند عبادي
نذر المواجهة المسلحة تُخيم على الأوضاع في البلاد، وشبح الفوضى والحرب العبثية يتربص بمحاولات العبور بها نحو بر الأمان، الصراع حول كرسي السلطة، والانشغال بكيفية الخروج من الأزمة السياسية أتاح أجواء وبيئة خصبة لتنامي خطاب الكراهية والعنصرية خلال العام الماضي الذي شهدت فيه البلاد فراغاً دستورياً وسياسياً أفرز ممارسات تؤكد وجود مخاطر حقيقية تهدد السلم والأمن الاجتماعي في البلاد، من خلال عوامل عدة تسببت في هذه الأوضاع المعقدة حالياً على المستويات عدة، ولا سيما الاجتماعي، كما أن السيولة الأمنية، وعدم تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاقية السلام، والتمدد غير المحسوب العواقب للحركات المسلحة المنتشرة في البلاد تقابله هذه الأيام نفرات الاستعداد للمواجهة والتصدي للمخاطر في شمال ووسط السودان، وتتشكل مجموعات مسلحة في عدد من الولايات بدافع درء المخاطر وتوفير الحماية للأهالي عبر التسليح وفتح معسكرات التجنيد للقوات، فدرع السودان والشمال، وكيان الوطن، وأخيراً التحالف الأهلي لنهر النيل، وعلى الرغم من التأكيدات التي تصدر من هذه المجموعات باستقلاليتها وعدم تبعيتها لأي جهة، وأنها تسعى لصون وحماية أقاليم من شمال وشرق ووسط السودان، في وقت تتكاثر فيه الجيوش والمليشيات بالبلاد، ويتداعى السلم والأمن بالبلاد، وجدّد قائد قوات درع السودان، أبو عاقلة كيكل، شروطاً لوضع السلاح أرضاً، وقال كيكل: ”لن نضع سلاحنا إلا بدمج الدعم السريع والحركات المسلّحة في القوات المسلّحة السودانية، خلاف ذلك سيظل درع السودان قائماً لحماية الأرض والعرض”، وأكّد أبو عاقلة، أنّه لا يؤمن بأيّ جيش غير القوات المسلحة باعتبارها مؤسسة ملكاً للشعب السوداني، وأضاف: ”أيّ دولة في العالم لا توجد بها غير (3) أجهزة نظامية، جيش، شرطة، جهاز مخابرات.”
وفي الأثناء يشدد القيادي الأهلي، بشرى الصايم، الذي كان يتحدث في تدشين الإعلان السياسي لتحالف نهر النيل الأهلي، على أن الحراك الذي ينتظم ولايات البلاد الوسطية والشمالية والشرقية من أجل تشكيل قوات وتحالفات الحماية، يهدف في الأساس إلى حماية الأرض والعرض وانتزاع الحقوق، وأنها لا تسعى لأن تكون بديلاً للأحزاب السياسية أو أي جهة أخرى، وأضاف: “لكنها لن تقبل بالتدخلات التي تمس حقوق هذه الولايات”، الصايم أكد أن هذه الكيانات والتحالفات تسعى إلى وحدة مواطني هذه الولايات بغض النظر عن مكوناتهم وقبائلهم وتشكيل شعوب قائمة على أساس المساواة.
وقبل يومين دعا التحالف الأهلي لاسترداد الحقوق بولاية نهر النيل ”تهراقا” لإلغاء مسار الشمال في اتفاقية جوبا للسلام، وأعلن رفضه للعملية السياسية والاتفاق الإطاري، وتعهد بالتصدي لكل الحلول والتدخلات الأجنبية في البلاد، وقال العمدة حامد محمد الشيخ رئيس التحالف، في كلمته الأحد، بتدشين الإعلان السياسي عطبرة، إن التحالف سينتهج الطريق السلمي لتحقيق مطالبه وأهدافه، وأضاف أنه يمثل كل مواطني الولاية بمختلف مكوناتها، وأكد أن هدفهم حماية الأرض والعرض، وقال: “تاني ما بتطلع حاجة من نهر النيل ولا “حجر نبلة ” دون رضانا”، وقال: “صبرنا كتير وكل من يقف ضدنا سوف نتصدى له”، وفي السياق طالب الأمين العام للتحالف، مدني محمد مدني، بإخراج المليشيات المسلحة العاملة في التعدين من الولاية، وقال إن سياسات المركز عادت بأضرار على مواطني الولاية التي تعاني تهميشاً جراء اتفاق السلام، وأضاف أن الولاية بها إهمال وتدهور أمني واقتصادي واجتماعي؛ بسبب الفراغ السياسي في المركز، وغياب الرؤية الوطنية، والوضع الإداري المشوه، فضلاً عن تنامي خطاب الكراهية والعنصرية؛ بسبب تمدد الحركات المسلحة في الولاية، وتابع مدني: “نحن مع وحدة السودان وفقاً لشروط العدالة، ولسنا ضد المركز وسنمضي في طريقنا بالسبل السلمية، وإن لم نصل لأهدافنا فكل الخيارات متاحة أمامنا وقتها”، ممثل المناصير أشار إلى الظلم الكبير الذي تعرضوا له جراء إنشاء سد مروي وعدم تعويضهم بشكل مجزٍ وأنهم حتى الآن لا يتمتعون بخدمات الكهرباء، والعقارب تفتك بنسائهم وأطفالهم، وكشف عن دمار كبير قد لحق بمشروعي كيحلة شرق، ومشروع المناصير بالمكابراب، وقال: “كما سبق لنا قتل الجنرال ستيورات في معركة جبل الكربكان يمكننا حماية حقوقنا واستردادها من أي كائن يسعى لمصادرة حقوقنا”، وتؤكد قيادة التحالف الأهلي على أنها ترفض القرار “90” الذي أصدره وزير المالية، وقضى بتخفيض نصيب الولاية من عائدات الذهب إلى (30) بالمائة بدلاً عن (40)، وأضاف أن “الذهب مورد من موارد الولاية، ولن نسمح لأي شخص بأن يحدد لنا نصيبنا منه، وهو ملك للولاية”.
وقبل أيام اتهمت قوات درع السودان الحركات المُسلحة، بالعمل على تجييش «الكنابي»، عبر توزيع السلاح وتجميع أفراد بتجمعات سكنى العمال وسط وشمال وشرقيِّ السودان، ومؤخراً كشف رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا، محمد الأمين ترك، عن ترتيبات لتأسيس تحالف يجمع وسط وشمال وشرق السودان وإقليم كردفان للعمل على تحقيق الحُكم الذاتي، وتحولت المطالبة السلمية بتعديل أو إلغاء اتفاق السلام المُبرم في 3 أكتوبر 2020، إلى تأسيس جماعات ومليشيات مُسلحة في شمال ووسط البلاد، فيما يتجه أهالي من الشرق إلى تأسيس حركة جديدة، بالتحالف مع سكان الوسط والشمال، وفي نوفمبر 2022 أعلنت جماعة من الضباط المعاشيين من داخل الخرطوم عن تأسيس حركة مُسلحة تحت مسمى “كيان الوطن” قالوا إنها تسعى لإلغاء اتفاق جوبا للسلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية عام 2020 مع حركات مسلحة من إقليم دارفور وغيرها، وحماية مصالح سكان وسط وشمال السودان، وسمت تلك الحركة المتحدث الأسبق باسم الجيش، العقيد (م) الصوارمي خالد سعد، قائداً عاماً لها، ثم اعتقلت السلطات العسكرية الصوارمي لأيام، قبل أن تخلي سبيله.