رئيس الحزب القومي الديمقراطي الجديد منير شيخ الدين .. “التسوية مصيرها الفشل”
ينبغي على البرهان وحميدتي الخروج من المشهد السياسي

البلاد تعيش فوضى عارمة ونحن في حاجة إلى مشروع وطني حقيقي
لجان المقاومة وشباب الثورة هم الأجدر بقيادة الدولة
القوى السياسية فشلت في المرحلة الانتقالية لاهتمامها فقط بنصيبها من كيكة السلطة
اتفاقية السلام كارثة وستقود البلاد نحو التقسيم
الخرطوم – مهند عبادي
يقول منير شيخ الدين رئيس الحزب القومي الديمقراطي الجديد إن عهد الوصاية والاتفاقيات السياسية التي تفرض على الشعب السوداني قد انتهى، وأن ثورة ديمسبر أفرزت واقعاً جديداً وأجيالاً لا ينبغي تجاوزها، وأضاف أن التسوية المرتقبة لن تنجح في إنهاء الأزمة السياسية بالبلاد؛ لجهة أنها تجاوزت الثوار والشباب القابضين على جمر القضية، وقدموا تضحيات جليلة من أجلها، ونبه بأن الحل ينبغي أن يكون من القاعدة نحو القيادة، وليس العكس، هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تقود إلى استقرار في السودان، وطالب منير في حوار مع (السوداني)، القوى السياسية والعسكريين والمجتمع الدولي بالاستماع إلى آراء الشباب، والعمل بها من أجل مستقبل البلاد، هذا إلى جانب العديد من الإفادات حول قضايا الراهن السياسي تطالعونها في الحوار التالي:
في البدء كيف ترى الأوضاع الراهنة بالبلاد ؟
في الحقيقة البلاد تعيش في فوضى عارمة، وضياع هيبة الدولة والانحدار الكبير الذي وصلت إليه على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني، وبل حتى الاجتماعي، وهي أوضاع تدعو للشفقة، والخوف على مصير البلاد سيما في ظل التناقضات واستمرار الصراع حول السلطة، وعدم الاعتراف بحقوق الشعب وآماله في التغيير.
وما هي ملامح هذه الفوضى؟
كثيرة جداً، تتمظهر أولاً وبشكل غير مقبول أصلاً في ارتفاع صوت القبيلة والنعرات الجهوية التي أصبحت مهدداً حقيقياً لبقاء السودان، وهناك أيضاً عمليات التهريب المنظمة لموارد البلاد والصراعات الدموية بين الاثنيات المختلفة، فضلاً عن أن الخرطوم أصبحت مستباحة لدوائر المخابرات العالمية وغيرها الكثير.
ما الأسباب وراء الفوضى ؟
السبب الرئيسي يعود إلى غياب المؤسسات وعدم قدرة السلطة على فرض هيبة الدولة، والعسكريون لعام كامل فشلوا في معالجة الأوضاع بالبلاد، بل ازدادت سوءاً على ما كانت عليه، وفي تقديري أن انشغال العسكريين بالسياسة خطأ كبير، وهذا التدخل الكبير في الشأن السياسي عاد بأضرار سالبة على المؤسسة العسكرية، وفقدت القوات المسلحة هيبتها ومكانتها تراجعت لدى الشعب السوداني كثيراً وهذه حقيقة لا مفر منها .
وكيف يمكن أن تستعيد القوات المسلحة مكانتها لدى الشعب السوداني؟
عبر خروج البرهان وحميدتي من العمل السياسي والتفرغ لمهامهما الأساسية، وبعد عام من الانقلاب أعتقد أنه قد آن الأوان للبرهان ورفاقه أن يتركوا الأمر للسياسيين ومغادرة السلطة، وعلى القوات المسلحة تقديم أسماء جديدة مقبولة للشعب لإدارة الفترة الانتقالية والوصول للانتخابات.
وما هي الأسباب التي قادت إلى تدهور أوضاع البلاد؟
السودان بلد زاخر بالموارد والإمكانيات التي يمكن أن تجعل منه قوى عظمى، ولكن سوء الإدارة والتخطيط، وعدم وجود دولة المؤسسات يعتبر واحداً من أبرز الأسباب الرئيسية في تدهور السودان واتجاهه نحو الفشل، هذا إلى جانب الصراعات المستمرة منذ الاستقلال التي تتمحور كلها حول السلطة وقسمة الكيكة لصالح الأحزاب والقوى السياسية والأفراد، وما شاهدناه عقب التغيير في 2019 أكبر شاهد على الأمر، لذلك فإن تدهور الأوضاع خلال السنوات الثلاث الماضية ليس بمستغرب؛ لأن من تصدروا المشهد واستلموا السلطة سواء عسكريين أو مدنيين هم أقل قامة من إدارة دولة مثل السودان، لعوامل كثيرة تتعلق بالخبرة السياسية والايمان بالشعب وإنجاز التغيير الحقيقي، فضلاً عن انحيازهم للرؤى الخاصة بهم والصراع فيما بينهم لفرض وتمرير رؤية كل طرف على الآخر.
هل تعتقد أن الثورة فشلت في الوصول لأهدافها؟
لا الثورة لم تفشل، بل كانت مهمة لإنهاء حقبة ثلاثين عاماً من الكذب والنفاق الذي لم ينفع السودانيين في شيء، ولكن في تقديري أن من وقعوا على الوثيقة الدستورية لم يكونوا على قدر التحدي لمثل هذه المهمة المتعلقة بإدارة الانتقال والتأسيس للحكم المدني فقد كانت تنقصهم الدربة السياسية والقدرة على الوفاء بمطلوبات التغيير بعيداً عن الذاتية والحزبية والأجندة البعيدة عن آمال الثورة والثوار، والالتفاف على الثورة، من قبل اللجنة الأمنية للمؤتمر الوطني.
مؤخراً البرهان أرسل تحذيرات للمؤتمر الوطني والإسلاميين بالابتعاد عن الجيش؟
هذا حديث للاستهلاك السياسي، فتاريخ البرهان معرف للجميع، ولا ينبغي له أن كان يسعى إلى أهداف جديدة، أن يتبرأ من تاريخه، الكل رأى خلال العام الماضي كيف عاد الإسلاميون إلى الواجهة مجدداً تحت سمع ومرأى البرهان.
وكيف تنظر لاستمرار الزخم الثوري والتصعيد المستمر ضد السلطات؟
أنا في حقيقة الأمر معجب جداً بهذا الجيل الذي أعتقد أنه يمتلك القدرة والإمكانيات والإرادة الحقيقية نحو قيادة البلاد إلى المستقبل، لذلك فإن استمرار الثورة في الشارع دون كلل أو ملل يؤكد حقيقة واحدة مفادها أن هؤلاء الشباب أبطال وقادرون على صناعة التاريخ ورسم ملامح السودان الذي يرغبون فيه، وعلى كل القوى السياسية التاريخية إتاحة الفرصة لهم والتخلي عن الأطماع والمغانم وهوس السلطة، فهؤلاء أجيال جديدة قامت بالثورة لإحداث تغيير حقيقي في البلاد، وأنا داعم لهم في طريق الثورة، ونترحم على الشهداء، ونتمنى الشفاء للجرحى، وعودة المفقودين.
تجري الآن محاولات دولية وإقليمية لهندسة تسوية سياسية تنهي الانقلاب هل تتوقع نجاحها؟
في اعتقادي الراسخ أن أي تسوية أو حل سياسي لإنهاء الأزمة الراهنة بالبلاد التي تسبب فيها انقلاب أكتوبر من العام الماضي لن يكتب لها النجاح أو الصمود أمام رفض الشارع الثوري لها، وحتى إن كانت مدعومة من المجتمع الدولي والإقليمي، فالفيصل حالياً هو الشباب في لجان المقاومة الذين يقدمون تضحيات جليلة من أجل السودان، لذا فإن أي تسوية لا تستوعب هذه الحقيقة الواضحة، ولا تعبر عن هؤلاء الشباب فسيكون مصيرها الفشل.
ولكن العسكريين والحرية والتغيير وبعض المكونات الاخرى ترى أن هذه التسوية بمثابة طوق النجاة الأخير للبلاد وحمايتها من المخاطر؟
نعم هناك مهددات ومخاطر كبيرة تحيط بالبلاد، ولكن أي تسوية سياسية فوقية تفرض من القوى السياسية العسكريين على لجان المقامة والشارع سوف تكون غير مقبولة ولن تنجح، وفي مثل أوضاع السودان الحالية ينبغي أن يأتي الحل من القواعد أي بمعنى من “تحت إلى فوق” وليس العكس، فعهد الوصاية والقرارات الفوقية قد ولى، ولن يكون هناك أي مستقبل للأحزاب والقوى التقليدية وغير المتقبلة لوجود لجان المقامة والثوار في السودان.
إذن هي تسوية غير مجدية ولا طائل منها؟
بهذه الطريقة التي يدار بها الأمر فعلاً لن تكون مجدية، ولن تحل الأزمة السياسية، أول الأخطاء كان في بدء الاجتماعات بشكل سري بين الأطراف، ولا أدري لماذا تم ذلك، فإذا كنتم جميعاً حريصون على الثورة وإدارة الانتقال وتحقيق ما يصبو إليه الشعب السوداني، فلماذا تكون الاجتماعات سرية وبعيدة عن أعين الشعب السوداني؟.
ربما حدث ذلك بسبب اللاءات الثلاث والرفض القاطع للعسكريين ؟
حتى وإن كان كذلك، ينبغي على القوى السياسية والعسكريين واللجنة الرباعية والثلاثية وكل الأطراف أن ترى هذه الحقيقة والنقطة الجوهرية التي يطالب ويرتكز عليها الشارع الثوري، فلماذا الإصرار على إعادة إنتاج ما تم في 2019، وعقد لقاءات بين الطرفين، وإضافة بعض القوى الأخرى لهذه الاجتماعات، ومن ثم الوصول لاتفاق سياسي لإدارة الانتقالية سيكون مصيره الفشل والرفض لغياب أهم اللاعبين في المشهد السياسي بالبلاد حالياً عنه.
هناك تسريبات تتحدث عن منح الحرية والتغيير ضمانات للعسكريين ما تعليقك؟
حتى وإن صحت تلك التسريبات، فهذا الأمر لا قيمة له، ليس من حق السياسيين سواء حرية وتغيير أو غيرهم أن يمنحوا العسكر ضمانات لعدم المساءلة، إن تم ذلك فهذه الضمانات غير مبرئة للعسكريين، ولكل من أجرم في حق الشهداء، وهذه قضايا لا يمكن حسمها عبر الاتفاق السياسي، ولن يكون كافياً للتنازل عن حقوق الشهداء وأسرهم لن تقبل به، كما أن الضمانات لن تكفل للعسكر الحماية من الحق الخاص وسيجدون أنفسهم أمام أسر وذوي الضحايا.
ولماذا يتمسك المجتمع الدولي بالتسوية رغم أنها مهددة بالفشل حسب حديثك؟
واضح جداً أن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول مهتمة جداً بالشأن السوداني، وحريصة على انجاز التسوية وإنهاء الانقلاب الحالي، لاعتبارات عديدة تتعلق بالمصالح الأمريكية في البلاد والمنطقة أولاً وأخيراً، وأمريكا لن تفرط في مصالحها بالسودان وتتركها لروسيا، لذا فإن الإصرار على الوصول لاتفاق سياسي في السودان، وتشكيل حكومة يساعد أمريكا في قطع الطريق على منافسيها.
ولكن هذه التسوية مرفوضة من الشارع، ولن تأتي بالديمقراطية فهل سوف تقبل أمريكا بهذا الأمر؟
لا.. يجب أن تعرف أولاً أن الولايات المتحدة الأمريكية تهتم بأمر واحد وهو أولوية قصوى وهو مصلحتها فقط، ولا شيء آخر، حتى وإن كانت هذه المصلحة يمكن أن تتحقق عبر الإسلاميين، فلا مانع لدى الأمريكان في ذلك، المهم فقط حكومة قوية تحقق مصالحها، من ثم تجئ قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وخلافه.
هل يعني هذا أن القوى السياسية ستكون في مأزق بسبب التسوية؟
بالتأكيد ومأزق كبير جداً، فهذه الأحزاب ليست لديها القدرة على إدارة الدولة، وفشلت في الأمر منذ الاستقلال، ولم تطور آلياتها وأفكارها، وعليهم أن يعلموا أن المتغطي بـ”أمريكا والمجتمع الدولي عريان”، وهذه التسوية المرفوضة من قبل الشباب في الشارع كفيلة بأن تخصم من الأحزاب، ولن تضيف لها شيئاً.
وهل ينطبق هذا الحديث على العسكر أيضاً؟
بالطبع فالعسكر أيضاً خاسرون منها خاصة أن البلاد حاليا تعيش في دوامة من الأزمات، وقد يكون لديهم طموحات شخصية في الحكم والسلطة، ولكنهم سيحكمون كيف وأي شعب؟، فهناك رفض واسع لهم، ولهم عام كامل لم يقدموا فيه أي شيء، وعجزوا عن تشكيل حكومة، لم يحققوا الإصلاح والتصحيح الذي تحدثوا عنه لدى تبريرهم الانقلاب.
وكيف يمكن معالجة قضية قوات الدعم السريع بنظرك؟
اعتقد أن قوات الدعم السريع أصبحت واقعاً، وقد تمددت كثيراً مؤخراً، وفي رأيي أن المعالجة مع وجود كل هذه التعقيدات والتحفظات من هنا وهناك تتمثل في إيجاد وضعية خاصة للدعم السريع واعتبارها واحدة من الأجهزة والقوات النظامية والأمنية بالبلاد، فمثلاً يمكن أن تكون لها وضعية خاصة مشابهة لوضع الاحتياطي المركزي في الشرطة، وأنا أرى أن الدولة ينبغي لها أن تستفيد من هذه القوات، وعلى قائدها “حميدتي” أن يوظفها بشكل صحيح لخدمة الدولة السودانية في إطارها القومي بعيداً عن الانحياز القبلي، صحيح قد بدأت القوات في الانفتاح على مختلف اثنيات السودان، لكن ينبغي أن يكون العظم الأساسي والنواة الحقيقة لها بعيدة عن القبلية، وأن تكون فعلاً ممثلة لكل السودان، وهذه ضرورة ملحة.
هل تعتقد أن اتفاق البرهان – حمدوك في نوفمبر من العام الماضي كان يمكن أن يكون حلاً للأزمة؟
لم يكن حلاً للأزمة، فهي موجودة أساساً منذ التغيير والعسكر والحرية والتغيير تقاسموا السلطة، وكان حمدوك يعمل وسطهم دون رؤية واضحة، هذا إلى جانب أن حمدوك في ذاته شخصية ضعيفة، ولا يمتلك تاريخاً سياسياً في البلاد يمكنه من فهم مجريات الأمور وكيفية إدارة الصراع، فقد كان يعمل بشخصية الموظف التنفيذي، لذلك وجد نفسه في متاهة لم يخرج منها إلا بعد الانقلاب، كما لم يكن قادراً على فرض آرائه أو برامجه، ولم يقدم مشروعاً ورؤية واضحة لإدارة الانتقالية.
هناك مخاوف من إمكانية انزلاق البلاد نحو الحرب والفوضى والتقسيم؟
هذه مخاوف حقيقية، وتبديد المخاوف يكون عبر التوصل إلى حل سياسي حقيقي يخاطب الأزمة في جوهرها، وليس عبر الاتفاقات التي تقود إلى اقتسام السلطة فقط، واكتفاء الأطراف بنصيبهم من الكيكة، كما هو الحال منذ الاستقلال، فهناك أزمات وقضايا تاريخية تحتاج إلى معالجات، كما هناك تطورات جديدة أفرزتها الثورة والتغيير ينبغي النظر إليها وضعها في الاعتبار، وبأي حال من الأحوال لا يمكن تجاوز تطلعات الشباب.
ألا تعتقد أن التسوية السياسية واتفاق سلام جوبا كافيان لتجنب المخاطر؟
لا.. سوف تظل المخاطر موجودة ، وفي تقديري أن اتفاق سلام جوبا لم يحقق أي استقرار أو سلام، لا في النيل الأزرق، ولا دارفور، ولا شرق السودان، وهنا أود الإشارة إلى أن أكبر خطأ ارتكبته الحكومة الانتقالية كان في الموافقة على مسارات اتفاق السلام هذه، وهي كارثة قادت البلاد نحو مصير مجهول، سيما في ظل ارتفاع النعرات القبلية والاحتماء بالقبائل السائدة هذه الأيام ، فهذه المسارات كأنما أوحت للناس بأن اتفاق السلام موجه فقط ضد مواطني الشمالية ونهر النيل، وهو شيء مؤسف؛ لذا نرى حالياً تكوين ما يسمى بجيش الصمود للدفاع عن مواطني هاتين الولايتين.
هل من الممكن أن تصل القوى السياسية المدنية والعسكرية الى توافق حقيقي يجنب البلاد المخاطر؟
البلاد الآن في حاجة ماسة إلى جلوس كل أبنائها وإعداد مشروع وطني حقيقي يخاطب القضايا والأزمات الجوهرية، ويضع الحلول لها بعيداً عن الأطماع في السلطة، وهو ضرورة ملحة ينبغي على الكل العمل لتحقيق هذا المشروع، وقتها فقط يمكن أن تتجنب البلاد المخاطر.
في ظل كل هذه التعقيدات ما هي رؤيتكم للحل ؟
نحن في الحزب القومي الديمقراطي الجديد منذ الإطاحة بالبشير قدمنا رؤيتنا واضحة للمجلس العسكري وقتها الذي كان يعقد مشاورات مع القوى السياسية، ويطالب برؤى لكيفية إدارة المرحلة الانتقالية، ولا زلنا عند رأينا الذي قدمناه وقتها والمتمثل في تنفيذ ثلاثة شروط أساسية قبل كل شيء وهي إدارة البلاد عسكرياً بتعيين حكام عسكريين بالولايات لضمان استقرار الأوضاع، وتحديد أجل زمني واضح لفترة بقاء العسكر في السلطة، والإعداد للانتخابات وتسليم السلطة للفائز.
وهل وجدت مقترحاتكم هذه صدى قبول؟
هي كانت من بين مقترحات عديدة دفعت بها مجموعة من القوى السياسية، لكن الضغوط الكثيرة على الحرية والتغيير وعلى العسكريين وقتها دفعتهم إلى صيغة الشراكة.
منير شيخ الدين كان مستشاراً للرئيس البشير ومشاركاً للإنقاذ؟
هذه الأمر كان بعد ترشحي لرئاسة الجمهورية في 2010، وجاءت المشاركة مع حكومة البشير، ولكنني وجدت معارضة شرسة من داخل تنظيم حزب المؤتمر الوطني، وخاصة من نافع علي نافع الذي كان شرساً في معارضتي، ويسعى لعرقلة كل الرؤى والأفكار التي أقدمها من منطلق وطني بحت، وبشكل عام فقد وجدت تعاملاً بمستويات مختلفة من الإنقاذ فهناك بعض من دعم الفكرة واعتبرها خطوة لإنهاء مسألة جبال النوبة، وهناك من اعتبر وجودي في المنصب كنصيب من كيكة السلطة لأبناء النوبة، وما أود تأكيده هنا أنني كنت معارضاً لتوجهاتهم وذكرت لهم كثيراً أن أكاذيبهم ونفاقهم سوف تضيع الوطن وأنها ستكتب نهايتهم قريباً وهو ما حدث بالفعل.
وهل فعلاً كنت ممثلاً للنوبة في حكومة الإنقاذ؟
بالطبع لا.. بل كنت أسعى لحل مشكلة الجبال عبر تقديم مقترحات حلول للحكومة وقتها، ولكنهم لم يتعاملوا معها، وسبق لي أن قلت للبشير ينبغي للحكومة أن تمنح جبال النوبة الحكم الذاتي إذا كان هذا سوف يوقف الحرب، ولكنه رفض، ولا زلت عند رأيي أن الحكم الذاتي او الفيدرالي الحقيقي هو الأنسب لحل قضايا السودان عامة، وجبال النوبة على وجه الخصوص، وذلك حتى لا تتكرر تجارب الانفصال في السودان.