السودانيات يعشن المأساة في معسكرات اللجوء بدول الجوار

كسلا – أم عزين سليمان
لم تقتصر مأساة الحرب على السكان الموجودين في مناطق النزاع المسلح والنازحين بالولايات الآمنة فحسب، بل تعيش النساء اللاجئات أقسى تداعياتها بمعسكرات اللجوء في دول الجوار الأفريقي وسط ظروف إنسانية صعبة للغاية.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في أبريل 2023، لجأ الآلاف إلى دول مثل أوغندا وكينيا وإثيوبيا وكذلك مصر وتشاد وجنوب السودان من أجل البحث عن الأمان، فضلاً عن تحقيق حلم الهجرة بالوصول إلى القارة الأوروبية أو أميركا والتخلص من حياة الحصار والحرب التي يعيشونها.
أوضاع معقدة
وتواجه اللاجئات السودانيات فصل جديد من معاناة في المعسكرات بعد الفرار من أهوال الحرب التي تدور في السودان.
تقول فاطمة الشيخ إنها غادرت الخرطوم عقب اندلاع الحرب واتجهت إلى مدينة القضارف وعبرت منها الحدود إلى إثيوبيا هرباً من جحيم القتال بعد أن روع العنف والرصاص أطفالها، وتوجهت بعد ذلك لمكتب مفوضية اللاجئين للتسجيل في معسكر يوهانس ترانزيت، وبعد مضى شهر رحلت إلى معسكر أولالا في إقليم أمهرة المضطرب على رغم اعتراضهم على ذلك بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية هناك.
وتضيف، “هناك مخاطر تواجه اللاجئين، بخاصة في ظل انتشار مجموعات مسلحة تتجول في المنطقة وترتدي أزياء مدنية، فضلاً عن عدم وجود حراسات على المعسكر وتزايد عمليات السلب والنهب.
وأوضحت الشيخ أن “تفاقم الأوضاع دفعهم إلى التحول لمعسكر أفضل حالاً من النواحي الأمنية، لكن أوضاعهم الإنسانية والمعيشية ليست جديدة خصوصاً بعد نفاد المدخرات المالية وعدم وجود دعم منتظم من المنظمات الدولية.
أزمة صحية وتعليمية
من جهتها تقول مريم عبد العزيز، التي تقيم في معسكر كاكوما بكينيا إن “المعسكر يفتقر إلى الرعاية الصحية الكافية، بالتالي يعاني المرضى السودانيون في توفير بعض الاحتياجات الضرورية.
وأشارت إلى أنه “لا توجد مؤشرات لتحسن الظروف في الوقت الحالي، والأمر المثير للقلق أن الأطفال لم يجدوا حظهم من التعليم، نظراً إلى عدم وجود مدارس جيدة وإمكانية الخروج من المعسكر وإلحاقهم بمؤسسات تعليمية بسبب نفاد المدخرات المالية.
ولفتت اللاجئة السودانية إلى أن “حلم الشباب في الهجرة إلى الدول الأوروبية أو أميركا، وكذلك كندا وأستراليا، بات مستحيلاً في ظل وجود كثر من اللاجئين الذين يبحثون عن هذا الحلم منذ أكثر من 10 سنوات دون جدوى.
مشكلات الغذاء
قبل نحو عام، قصدت سناء أيوب أوغندا قادمة من أم درمان برفقة أسرتها، لكنها اضطرت إلى التوجه لمعسكر كرياندنقو الذي يبعد نحو 400 كيلومتر من العاصمة كمبالا، وواجت هناك صعوبات عدة، إذ يعاني كثر من اللاجئين السودانيين في سبيل توفير الحاجات اليومية، ويضطر آخرون لتناول وجبة واحدة في اليوم بظل ظروف صعبة.
تقول لـ (التايمز نيوز) “نعيش وضعاً دون المستوى من الغذاء والصحة وبات أملنا مفقوداً في تلقي المساعدات، إذ لا يوجد دعم من منظمات إنسانية تنقذ الآلاف من الوضع الراهن وتعيد لهم البسمة والتفاؤل بواقع أفضل.
وأشارت إلى أن “إدارة المعسكر تقدم مواد إيواء محلية للاجئين عبارة عن مشمعات وحطب لتشييد منازل، خصوصاً للأسر والأطفال وكبار السن، لكنها غير ملائمة ولا تقي من البرد القارس والأمطار التي تهطل بغزارة.
أوضاع مأساوية
أجبرت أحداث إقليم دارفور وبخاصة مدينة الجنينة في يونيو 2023، تهاني حسن على النزوح إلى دولة تشاد والإقامة في مخيم أدري وسط ظروف إنسانية كارثية، إذ تقول إن “الجوع دهم غالبية الأسر وبات الجميع يعيش أوضاعاً في غاية الصعوبة والبؤس في ظل تفشي الأوبئة وانعدام الرعاية الصحية والأدوية ومياه الشرب، فضلاً عن أزمة الصرف الصحي.
وتخشى حسن على أطفالها من المرض بسبب انتشار الحميات خلال الفترة الحالية، مؤكدة أن مناعتهم ضعيفة نتيجة سوء التغذية، كما أنها عاجزة عن شراء الأدوية لعدم توفر مساعدات مالية.
وأوضحت اللاجئة السودانية أنها كانت تتوقع توفر خدمات كافية من الغذاء والدواء، علاوة على السكن الملائم في معسكرات اللجوء، لكنها تفاجأت بأوضاع مزرية لا تقل مأسوية من تداعيات الحرب في السودان.