“المرحاكة” ملاذ سكان مناطق النزاع المسلح السوداني في رحلة سد الجوع – التايمز نيوز
سياسة

“المرحاكة” ملاذ سكان مناطق النزاع المسلح السوداني في رحلة سد الجوع

كسلا – مودة معتصم

يكافح سكان مناطق النزاع المسلح في السودان لتوفير متطلبات الحياة اليومية بعد أن بلغ الوضع المعيشي ذروة السوء نتيجة انقطاع التيار الكهربائي والشح الحاد في مياه الشرب، وبات شبح الجوع يحاصر المواطنين الذين بالكاد يحصلون على وجبة واحدة في اليوم.

وأدى انقطاع الكهرباء لفترات طويلة في عدد من المدن والمناطق النائية بولايات الجزيرة وكردفان ودارفور إلى توقف عمل المطاحن، واضطر غالبية السكان إلى استخدام حجر الرحى “المرحاكة” لطحن حبوب الذرة والقمح لتوفير الدقيق وإعداد الوجبات اليومية.

حلول تقليدية

وتشتكي خديجة حسن، وهي ربة منزل من منطقة ود النعيم في ولاية الجزيرة، من أزمة الكهرباء التي فاقمت معاناة المعيشية بسبب توقف عمل المطاحن في ظل شح وندرة الدقيق بالأسواق.

وتقول لـ (التايمز نيوز) إن “الانفلات الأمني وتزايد انتهاكات المجموعات المسلحة وعمليات النهب والسلب في مدن وقرى الولاية أسهمت جميعها في إغلاق الأسواق ونفاد البضائع والمنتجات وخصوصاً الدقيق، لذلك لجأت النساء في الإقليم لاستخدام (المرحاكة) لطحن حبوب الذرة والقمح للحصول على وجبة واحدة في اليوم.

وأضافت أن “عملية طحن الحبوب على (المرحاكة) ليست بالسهلة بل تستغرق جهداً وتركيزاً، ولا سيما الذرة التي تحتاج أكثر من دورة تستغرق ساعتين لتتحول إلى طحين ناعم يصلح لإعداد الطعام.

العودة للعصور القديمة

و”المرحاكة” هي المصطلح السوداني الذي يطلق على حجر الرحى، ويعد أقدم الأدوات التي صنعها الإنسان واستخدمها في طحن الحبوب قبل ظهور الطواحين الكهربائية وهي تصنع يدوياً من الحجارة.

وتعتبر “المرحاكة” من الأدوات التي تستخدمها المرأة السودانية منذ العصور القديمة، وهي عبارة عن حجرين مستديرين يوضعان فوق بعضهما ويثبت الحجر السفلي، أما الحجر العلوي فيوجد فيه ثقب لسكب الحبوب، وبه عصا خشبية أو معدنية ليدور ويطحن الحبوب، كما يمكن التحكم بدرجة خشونة الحبوب المطحونة خلالها بزيادة الكمية أو إنقاصها، إذ تدار بسلاسة بين اليدين وعكس عقارب الساعة.

معاناة وأزمات

نوال محجوب التي تقطن منطقة القوز في ولاية جنوب كردفان أشارت إلى أن “أزمة الكهرباء والمياه تفاقمت بدرجة لا توصف وضاعفت من معاناة المواطنين الذين لم يغادروا منازلهم حتى الآن، وباتت الأوضاع المعيشية صعبة للغاية نظراً إلى شح وندرة المواد الغذائية.

ونبهت إلى وجود أزمة طاحنة في الدقيق بالمحال التجارية المحدودة، فضلاً عن توقف المطاحن بسبب انقطاع خدمة الكهرباء لأكثر من ثلاثة أشهر مما أدى إلى لجوء ربات المنازل إلى استخدام (المرحاكة) لطحن حبوب الذرة والقمح من أجل توفير الدقيق لتحضير الوجبات للأطفال وكبار السن.

وأوضحت أن “المرحاكة” أسهمت في حل أزمة توفر الطحين على رغم صعوبة ومشقة العمل عليها خلال ساعات متواصلة وبشكل شبه يومي، إذ تعد وجبة للأطفال في الصباح أما بقية الدقيق فيخصص لوجبة المساء لكبار السن، وبالتالي يحصل المسنين في كثير من الأحيان على وجبة واحدة، وتتكون أطعمة العشاء من “البليلة” والتمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى