أبوعاقلة أماسا.. يكتب”مأساة الجزيرة”.. لماذا نعاقب مواطني الجزيرة على أخطاء غيرهم..!

* من الخطأ.. بل والفهم غير الناضج أن نعتبر كل من بقوا في المناطق التي سيطر عليها الدعم السريع (دعامة) أو متعاونين مع العدو.. وليس من حقنا مطاردتهم بأسئلة تجريمية نحو (لماذا بقيتم في هذه المناطق كل هذه الفترة؟)، ومن (العار) الإستمرار في تخوين مناطق وولايات كاملة (بالإجمالي) واتهامهم بالعمالة بدون أدنى ذنب سوى أنهم استيقظوا ذات صباحٍ ووجدوا مناطقهم تحت نير الغزاة الطغاة..!
* ما الذي كان ينبغي عليهم فعله وقصروا فيه؟.. لا تحدثني عن تعاون مع العدو، لأن العدو هنا غير العدو المعتاد، وليس من السهل التعاون معه إلا إذا كان المتعاون راغب في الإنتحار أو في وضع (غير طبيعي) .. ولا تحدثني عن المتعة.. فليس في ذلك متعة.. بالعكس.. من بقي بالجزيرة وشرق النيل وبعض مناطق أمبدة من المواطنين العاديين يعيشون في ظروف أقرب للموت من الحياة وكثير منهم يفضل الفناء، ويحاصرهم الجوع والألم من كل جانب والشح في كل شيء.. حتى الأكسجين..!!
* من بقي في تلك المناطق لم يكن أمامه خيارين فاختار أحدهما، فالأغلبية لم تطرح أمامهم سوى خيار البقاء والصمود على أمل نهاية الكابوس، ولكنه طال واستطال وتمدد.. فماذا عساه أن يفعل؟
* في تلك المناطق أمهات كبار السن يرفضن مبدأ ترك البيوت والنزوح، ورجال في أعمار متقدمة يختارون الموت داخل بيوتهم على الهروب والنزوح، ربما لأن العمر لم يبق منه ما يجعلهم يخافون..!
* من بين الصامدين هناك معاشيين وخبراء في الحياة العامة.. رأوا أن (البهدلة) في منازلهم أرحم لهم من النزوح إلى بعض الولايات المجاورة بعد أن تواترت الأخبار من الأسر التي نزحت إليها من الجزيرة تحكي عن معاناة أقسى من الحرب ذاتها.. وأن هنالك أسر تفترش الأرض في الطرقات وتتسول الاكل والشرب، والحكومة المركزية أو حكومات تلك الولايات استكثرت عليهم أن تأسيس (مخيمات) لإيواء الأسر المتعففة حتى تعيش بكرامة.. فهل إستجلاب الخيام وفتح المعسكرات للنازحين أمر صعب؟
* لا والله.. ليس في الأمر صعوبة غير أن بعض الولاة عاطلي الموهبة ومحدودي التفكير لذلك تعرضت الأسر النازحة للمرمطة.. وسكنت تحت الشاحنات والجرارات المتعطلة وفي الشوارع والخرابات في مشاهد تدمى قلب الكافر.. ولكنها لم تحرك شيئاً في مسؤولي تلك الحكومات، بل وظلوا يتعاملون مع الهاربين من جحيم الدعم السريع على أساس أنهم خلايا نائمة.. وللمزيد من التناقض يعاقبون على أنهم مكثوا في تلك المناطق وتلاحقهم بالإتهامات..!
* هذه الأوضاع والمعطيات تؤدي للمزيد من الإحتقان والتراكمات غير المحدودة لحرب ستنتهي حتماً، ولكن مثل هذه الآثار النفسية ستبقى مدمرة لما بقي من وحدة الوطن وتنسف أية آمال في الإستقرار مستقبلاً..!!
* ما أريد تأكيده والرهان عليه أن أهل الجزيرة ليسو (دعامة) أو مؤيدين، ولم يخيرهم أحد ولم تكن الفكرة مطروحة من الأساس، وليس للأمر بعد آخر غير أنه واقع أجبروا عليه، وما يحاول إثباته مواطني الولايات الآمنة والسلطات ومراقبي المداخل والمخارج ليس له أساس من العقل..!!