حرب السودان.. شبح المجاعة يهدد المواطنيين وسط تحذيرات دولية ونفي الحكومة.. – التايمز نيوز
أخبار

حرب السودان.. شبح المجاعة يهدد المواطنيين وسط تحذيرات دولية ونفي الحكومة..

تقرير – مهند عبادي

تداعيات الحرب الكارثية تقود السودانيين إلى مخاطر عديدة فخلافا للنزوح واللجوء وفقدان الممتلكات والقتل والسحل والانتهاكات العديدة، يهدد الجوع السودانيين بعد اتساع رقعة الحرب ونقص المواد الغذائية والمساعدات الانسانية وضعف الانتاج وعدم القدرة على إيصال الغذاء للمناطق التي تدور فيها المعارك، فبعد عام وأكثر من اشتعال الحرب تأثر اقتصاد السودان وتراجعت معدلات الانتاج والصادرات وفقدان آلاف المواطنيين لوظائفهم وأعمالهم وتقلصت المساحات المزروعة وتم نهب المخزون الاستراتيجي، وارتفعت أسعار الخبز والدقيق والمحاصيل الزراعية، فضلا عن فقدان المواطنيين لمدخراتهم وأموالهم وتدني الدخل وغيرها الكثير من الاثار التي ترتبت على الحرب وقادت الشعب السوداني إلى الوقوف في حافة الهاوية حاليا تدفعه المخاطر العديدة إلى الانزلاق بينما يقاوم وهو تتمسكا بالأمل للتغلب على الأزمة ومواصلة الحياة.

تحذيرات دولية

وقبل أيام حذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد دولي لمراقبة الجوع، من خطر المجاعة في 14 منطقة في أنحاء السودان إذا تصاعدت الحرب أكثر بين طرفي الصراع، مشيرا إلى حدوث مجاعة في تلك المناطق التي تشمل أجزاء من دارفور والخرطوم وكردفان وولاية الجزيرة، وكشف التقرير عن أن نحو 755 ألفا في السودان يواجهون أسوأ مستويات الجوع وحذرت الولايات المتحدة من أن السودان يواجه اسوأ مجاعة عرفها العالم منذ 40 عامًا، نظرًا لاستمرار الحرب وحجب المساعدات الإنسانية، وأفادت الأمم المتحدة بأن 16% فقط من التمويل اللازم للمساعدات الإنسانية قد تم تلبيته، وقالت ليندا توماس جرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الأزمة الإنسانية في السودان هي الأصعب في العالم وتزداد سوءًا، مشيرة إلى أن الوضع لا يحظى بتغطية إعلامية كافية، وحذرت رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، من التبعات المحتملة لسقوط الفاشر في أيدي المتمردين، مشيرة إلى أن هذه القوات تتكون بشكل رئيسي من ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة، التي شاركت في الإبادة الجماعية في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقالت باور: “المتمردون يتقدمون، ولم يذهبوا إلى منطقة دارفور تاريخيًا، وفي هذا الصراع وقعت فظائع جماعية”، وأعلنت عن مساعدات جديدة بقيمة 315 مليون دولار للسودان، لكنها أشارت إلى أن المساعدات بالكاد تصل إلى السكان المعزولين. واتهمت الجانبين بارتكاب جرائم حرب واستخدام الغذاء كسلاح في الحرب.

ظروف صعبة
وقد مرت المشاريع الزراعية في السودان هذا الموسم بظروف صعبة للغاية؛ نتيجة إنعدام الأمن والإستقرار جراء النزوح والتشريد والإنتهاكات الجسيمة التي سببتها الحرب، كما أن الوضع بمشروع الجزيرة – الذي يعد من أكبر المشاريع المروية في العالم – وصل الي مستوى غير مسبوق من التدهور هذا الموسم. حيث تمكنت تسعة أقسام زراعية فقط من حصاد محصول القمح الإستراتيجي لهذا العام، ولم تتمكن بقية الأقسام الزراعية من الحصاد بسبب الحرب والتي شملت معظم مناطق الزراعة بمشروع الجزيرة وإمتداد المناقل، عطفاً على أن الحصاد هذا الموسم تم بالطرق التقليدية لعدم توفر الآلات وإنعدام الوقود مما إنعكس سلباً علي الإنتاجية بشكل كبير.

وتفيد المعلومات أن جملة أقسام المشروع المختلفة حصدت 10% فقط بالآلات الزراعية، وأن 20% تمت بطرق تقليدية لم يعرفها المشروع منذ تأسيسه، وأن 30% قد أتلف بواسطة الماشية، وأن 40% إنتهى نتيجة الإصابة بالجفاف وإنعدام مياه الري، وتشير المعلومات الى أن موسم الخريف المقبل وبداية الأمطار سينهي ما تبقى من المحصول غير المحصود في بقية أقسام المشروع.

أمر متوقع

المزارع أيوب السليك يقول في حديثه للتايمز برس، إن الحرب تسببت في أضرار وخسائر كبيرة للمزارعين، وأن مسألة خطر المجاعة تظل حاضرة بالنظر إلى فشل الموسم الزراعي ونهب المخزون الاستراتيجي للبلاد ونهب مخازن المواطنيين في منازلهم البسيطة بقرى الجزيرة، وأكد أن تقليص المساحات المزروعة بعد إجتياح مليشيا الدعم السريع للجزيرة وفشل التحضير للموسم الصيفي وعدم القدرة على حصاد محاصيل الموسم الشتوي السابق وغيرها من الأسباب سوف تقود إلى حدوث ندرة في الغذاء خاصة وأن مشروع الجزيرة وإلى جانب المحاصيل النقدية فإنه يعتبر أكبر منتج للخضروات و المنتجات الغذائية الأخرى الامر الذي يعني أن الجوع أمر متوقع حدوثه حال استمرار خروج مشروع الجزيرة من دائرة الانتاج وفشل الموسم القادم والذي هو امر متوقع بعد التخريب الكبير الذي حدث لقنوات الري والاراضي من قبل المليشيا المتمردة.

نداء الواجب

وفيما يلي التدهور الكبير الذي وقع على مشروع الجزيرة أصدر حزب الأمة القومي بيان حول فشل الموسم الزراعي ونداء الواجب لمنع المجاعة في السودان، وقال إن الوضع في الزراعة المطرية والمشاريع المروية ينذر بخطر إنزلاق البلاد نحو المجاعة مما يستوجب تدخلات عاجلة لمحاصرة هذه الكارثة، وحذر الحزب من ما وصل إليه الوضع في مشروع الجزيرة وما تعرضت له الزراعة المروية والمطرية جراء هذه الحرب، والتي تعد مدخلاً للمجاعة في السودان، وأطلق نداء الواجب لتفادي المجاعة والتدابير العاجلة التي لخصها في
السماح للمزارعين وبصورة عاجلة بالعودة إلى قراهم وتوفير الحماية لهم وتمكينهم من العمل الفوري في مزارعهم والإستعداد للموسم الزراعي الجديد، ومناشدة المجتمع الإقليمي والدولي والمؤسسات الزراعية العالمية بتوفير مدخلات الإنتاج والتحضير الجيد للموسم الزراعي وتوفير الوقود وآلالات الزراعية وتمكين المزارعين من إكمال عملية التحضير، ودعوة طرفي الحـرب لسحب كافة المظاهر العسكرية من القرى والمناطق الزراعية وإيقاف الحرب فيها وحسم التفلتات والتعديات علي المواطنين لتفادي وقوع المجاعة.

تدخلات حقيقية

وفي السياق يرى مزارعين أن الأوضاع على الأرض لم تتغير وسيكون الفشل هو السمة البارزة للزراعة في السودان كافة سيما مع تمدد الحرب لولايات جديدة، ويرى عوض نصر الدين- مهتم بالشأن الاقتصادي- أن الانتاج المتوقع في المناطق الآمنة لن يفي بحاجة السكان، وأشار إلى أن الدولة ستكون في حاجة ماسة إلى زيادة حجم الوارد من المواد الغذائية المختلفة لمواجهة الطلب ومساعدة المحتاجين عبر أجهزتها الرسمية المتمثلة في ديوان الزكاة ومفوضية العون الانساني، لافتا إلى أن الانتاج في المناطق الآمنة ستواجهه مشكلة التسويق والنقل غيرها من التحديات التي ربما تحعل كثير من المزارعين غير متحمسين للزراعة.
وقال عوض للتايمز برس، لابد من تدخلات دولية حقيقية لتلافي شبح المجاعة الذي يخيم على السودان، وقال إن المساعدات الإنسانية الغذائية التي يرسلها العالم للسودانيين ينبغي إعادة النظر فيها فهي لا تتماشى مع الثقافة الغذائية فأنواع الذرة والزيوت والعدس التي يتم توزيعها كمساعدات لا تحظى بقبول وسط المواطنيين،وتحتاح إلى إعادة نظر واستجلاب مكونات بديلة لها.

الحكومة تستبعد حدوث المجاعة

وسبق لوزير المالية جبريل إبراهيم التأكيد على أنه لا توجد مجاعة في السودان، نظرًا لعدم وجود مشكلة في الإنتاج، وأشار إلى أن التحدي الرئيسي يتمثل في توزيع الإنتاج وتوصيله للمحتاجين في المناطق المختلفة، مثل جنوب كردفان، حيث تواجه الحكومة صعوبات في توفير مسارات آمنة، وكان وزير الزراعة أبو بكر عمر البشري قد قال في مؤتمر صحافي قبل فترة، إن الحرب أثرت على الإنتاج لأنه يحتاج إلى تحريك مدخلات وأسمدة في ظل صعوبة الحركة من وإلى مناطق الإنتاج، وعدد الوزير المشكلات التي اعترضت الموسم الزراعي، والتي من بينها صعوبة ومحدودية توفير المدخلات، وارتفاع في أسعار التقاوي، الأمر الذي أثر في المساحات المزروعة التي تأثرت أيضاً نتيجة لدخول الدعم السريع، مشيراً إلى أن الحروب لا تتسبب في مجاعات بل المجاعات تسببها الآفات والجفاف، وأوضح أن البلاد زرعت 7 ملايين فدان لم تُحصد، وهذا لا يعني وجود مجاعة، برأيه، ونفى الوزير أن تكون بعض مناطق البلاد معرضة للمجاعة، وقال: “رفعنا شعار السودان لن يجوع، وقررنا زراعة 36 مليون فدان، ركزنا على الذرة والدخن وزرعنا 23 مليون فدان ذرة، لكن الحرب كانت بالنسبة لنا مفاجأة، كما وزعنا 17 ألف طن تقاوي، من بينها 10 آلاف من بنك التنمية الأفريقي”، وأشار إلى صعوبة في توصيل التقاوي والأسمدة إلى دارفور والخرطوم وكردفان والوقود قائلاً إن “هناك صعوبة، وقد بذلنا جهوداً عبر القوات المشتركة، وعملنا على رش الآفات بمبيدات بلغت كلفتها 7 ملايين يورو”، لكنه أكد “وجود مشكلة مع زراعة القمح لعدم توفر المساحات، فالمروية منها نحو 6 ملايين فدان، مقابل 172 مليون فدان هي مساحات غير مروية”، مضيفاً أن القمح محصول صارم، ويحب الالتزام بالضوابط، ونسعى إلى بلوغ الاكتفاء الذاتي، ودعا وكالات الأمم المتحدة إلى المشاركة في إدخال الغذاء للمواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع وإدخال مستلزمات الموسم القادم، وكان محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى قد أعلن عن خطة لصيانة قنوات الري استعدادا للموسم الصيفي مشيرا إلى نهب “45” ألف جوال من الأسمدة وعدد من السيارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى