محمد الحسن محمد نور.. يكتب .. هل تنجح حكومة كفاءات مستقلة فى انجاز مهام المرحلة الانتقالية ؟

بعد التوقيع على الاتفاق الاطارى, وفى تعجل واضح, يدور الحديث الان عن تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تمثل فيها المرأة والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة ,لتكملة ما تبقى من الفترة الانتقالية وتعيين رئس وزراء بصلاحيات واسعة حسب النصوص الواردة بوثيقة الاتفاق الاطارى سليلة الوثيقة الدستورية سيئة السمعة والتى تحمل نفس جيناتها وسماتها.
وقبل الولوج الى موضوع قدرة حكومة الكفاءات المستقلة على العبور بالبلاد الى رحاب الدولة المدنية الديمقراطية, لا بد من الاشارة الى أن أول العوائق الحقيقية تكمن فيمن يحق له تكوين تشكيلة وهياكل الحكم الذى يقترحه ذات الاتفاق.
وبالرجوع الى موضوعنا الاساسى لتشخيص مقدرة الكفاءات المستقلة على انجاز المهمة, نقول :-
ان المقصود بكلمة كفاءات هنا هو أن يكون الشخص المرشح حاملا لدرجة الدكتوراه فما فوق, ولا يهم فى أى مجال كانت, كما ولا يهم أيضا ان كانت صحيحة أو (مضروبة), وعلينا أن نتذكر أنه وعلى مدى حكم الانقاذ المديد كان جل الذين تقلدوا المناصب الدستورية قد تزينوا بنفس المؤهلات وتقلدوا المناصب الدستورية باعتبار كفاءاتهم المعلنة, فلا تجد وزيرا يقل مؤهله عن درجة الدكتوراه أمثال دكتور رب رب رب أو دكتور أبو قردة الذى يرى بعبقريته الفذة أنه (لا يرى داعيا أن تدفع الدولة كلفة علاج مرضى السرطان, ما داموا سيموتون لا محالة !)
لقد علمتنا تجاربنا السابقة أن أشخاصا ذوى كفاءة علمية كانوا قد تولوا مناصب دستورية دفع بهم غرورهم لأن يستبدوا برأيهم ولا يسمعوا لأحد حتى خلفوا دمارا كبيرا,, ونذكر منهم على سبيل المثال ابتداء بالدكتور بهاء الدين ومرورا بالدكتورمحى الدين صابروانتهاء بالدكتور نافع على نافع واشباهه من الانقاذيين مجهولى التأهيل.ولسان حاالنا يقول.. نحن احفاد البصيرة أم حمد ولا فخر .. نحن عباقرة العالم بلا منازع .. اذا أمتطى دكتورنا الوزارة وتوهط فى مقعده الوزارى الوثير,( فيا دنيا ما فيكى الا أنا.). ثم راح ينظر ذات اليمين وذات الشمال, وتطيش تصريحاته وقراراته الخرقاء عبر وسائل الاعلام والاسافير الغبية منها والحكيمة, مخلفا تلفا لا يعلم مداه الا الله.
دعونا ننظر للعالم من حولنا, فمن منكم سمع بالبروف جو بايدن أو دكتور باراك أوباما أو بروف شى جين بينغ أو حتى المنصورة دكتورة مارقريت تاتشر(يمكن ربنا يطراها بالخير).
ان مركب النقص والشعور بالدونية ومتلازمة الضحالة الناجمة عن الاستلاب الفكرى الغربى مع عجزالحكومات الشمولية قد أدى الى التدميرالكامل للتعليم والاخلاق وكافة مقدرات الامة.
لا فكاك من هذه المحنة الا بتحرك النخب المستنيرة وتكثيف التوعية الجماهيرية وتنمية العقل الجماعى مستفيدة من الطاقات الهائلة للشباب عن طريق توجيه لجان المقاومة و تنسيقياتها, فترسى بذلك قواعد التنظيم والعمل الجماعى الذى يمكن هذه الأمة من الانعتاق.
ان عملية الانتقال من هذا الوضع المعقد فى ظل الانقلاب الجاثم على صدورنا الى الدولة المدنية الديمقراطية , انما هى فى حقيقتها عملية سياسية بالغة التعقيد, والقول باسناد عمل سياسى بهدا الحجم لحكومة كفاءات لا علاقة لها بالسياسة لهو أمر لا يمكن أن يوصف الا بالغباء. ويمثل وضعا للامور فى غير نصابها, فهذا عمل لا سبيل لانجازه بغيرالسياسيين.
ان المهام الواجب تنفيذها من أجل عبورالفترة الانتقالية ليست عليها اعتراضان معلنة, لذلك من السهل التوافق عليها فان لم يكن من كل القوى السياسية فمن الثقل الاكبر.لذلك فاننا نرشح البرنامج الذى طرحه تجمع المستقلين والذى يقدم شكلا جديدا ومبتكرا لانجاز ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية, ويتمثل فى عمل خطة مسبقة ومفصلة بالكامل لتلك المهام, وطريقة تنفيذها, ومن ثم تشكيل (ادارة , وليس حكومة ) من ذوى الكفاءة لتنفيذ كافة برامج الانتقال المعد والمتفق عليه سلفا كشكل بديل للحكومة النمطية, وتعتمد الخطة كليا على العمل الجماعى الذى يسد جميع الثغرات التى تعيق الانتقال , فالخطة تأخذ فى الاعتباركافة المحاذير المتوقعة وتضع لها الحلول المناسبة من خلال العمل الجماعى. نحن نرشح برنامج الخطوة خطوة ولا نرى له بديلا.
أما عن تمثيل المرأة والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة فى المناصب التنفيذية أو التشريعية, فاننا نرى وبكل بساطة أن ذلك اسفاف غربى رخيص, ولكنه بالغ الخطورة, قصد منه ادخال عناصر بمعيار اخرغير المعيارالذى تتطلبه هذه المرحلة الحساسة, عناصر قد تفتقرللخبرة والمعرفة وذلك بغرض خلق المزيد من الارباك للمشهد المرتبك أصلا. أن هذه الفترة هى فترة حرجة ولا بد من اختيار العناصرالصلبة والمناسبة والقادرة على الاداء الجماعى.
وفى ختام هذا المقال نرى أنه لابد أن ندرك أن القوى الغربية التى تصرح بمساندتها للتحول الديمقراطى الان انما تسعى وراء مصالحها التى تتطلب فرض الاستقرار الان وبأقصرواسرع الطرق استباقا للقوى المنافسة(الصين وروسيا) التى تطمع فى ايجاد موطىء قدم لها فى بلادنا, وأن هذه القوى الغربية متى ما وجدت فى الانقلابيين ما يحقق تلك المصالح, فلن تجد حرجا فى مماهاتهم ودعمهم.
ولذلك فأنه بتوجب علينا أن نقبل بمساندتهم ودعمهم لنا (تكتيكيا وبحذر), ونوظفها بالعين المفتوحة والعقول الواعية والعمل الجماعى المنسق. واذا ما عبرنا بسلام واصبحنا دولة ديمقراطية, فوقتها يكون لكل حادث حديث.