محمد الحسن محمد نور يكتب.. خروج البعث من قحت هل يخدم العسكر ؟.

طالعتنا صحف اليوم ببيان من حزب البعث العربى الاشتراكى أعلن فيه انسحابه من تحالف قوى الحرية والتغيير ,كرد فعل على توقيع التحالف على الاتفاق الاطارى معتبرا أن التوقيع على ذلك الاتفاق يشرعن انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. وفى ختام ذات البيان يدعو الى تكوين جبهةعريضة لهزيمة الانقلاب وازالة اثاره,
قبل أن نذهب بعيدا فانه من الواضح أن حزب البعث قد ناقض نفسه بلانسحاب الذى قرره منفردا غير آبه برأى حلفاءه الذين تحالف معهم والذين لطالما اعتبرهم هم قوى الثورة الحية التى يفخر بعضويتها , ثم وبكل بساطة (يحرد) ويفارقم دون بذل أى مجهود يذكر لاقناعهم برأيه, فى سلوك لا يمت للديمقراطيةبأى صلة. وحتى لو افترضنا أن حلفاءه قد أخطأوا وتجاهلوه ووقعوا واعتبروا أنفسهم أنهم هم الأغلبية أما كان الأجدر أن يفكر فى عواقب( فركشة) وشق الصفوف قبل أن يقدم على مثل هذه الفعلة ؟.
لم يقف البيان عند هذا الحد بل أردف بالتناقض الأكثرغرابة بدعوته لبناء تحالف جديد من أجل اسقاط الانقلاب وهو الذى شق التحالف القائم دون أن يبذل مجهود لدعم اراءه, ثم , من أى قوى أخرى يريد أن يبنى تحالفا جديدا يضيفه للأجسام الكثيرة القائمة الان؟.
ان حزب البعث قد أغفل تماما ما يجرى فى العالم اليوم من تنازع وحروب بين القوى العظمى على زعامة العالم والسيطرة على اقصاداته ومقدراته,و انكفأ على فكرة لم يجيد حسابها, متجاهلا بذلك أبجديات السياسة التى يعرفها حتى الأميون .
ان انسحاب حزب البعث من تحالف قوى الحرية والتغيير واضعاف التحالف هو بالضبط ما خططت له المخابرات المصرية وما تزال تخطط وتعكف على تنفيذه وخلق مزيدا من تفتيت القوى السياسية السودانية خدمة لأهدافها والتى على رأسها بث الخلاف بين السودان وأثيوبيا حول سد النهضة ,حتى تتمكن مصر من تحقيق أهدافها الخبيثة والتى على رأسها الابقاء على استحواذها على أكثر من ستة مليار متر مكعب من المياه من حصة السودان والتى ظلت تتلقاها مجانا وبدون مقابل منذ ابرام اتفاقية مياه النيل فى العاع 1959 فضلا عن مصالحها فى الابقاء على السودان ضعيفا ليبقى كاحتياطى دائم تحت سيطرتها و تصرفها الدائم.
أن المزيد من الانشقاقات والانقسامات واضعاف القوى السياسية السودانية يؤدى بالضرورة للابقاء على حكم العسكرحتى يصير فى حكم الأمر الواقع ويؤدى بالضرورة الى الاعتراف به واضفاء الشرعية عليه من قبل القوى الغربية ( المساندة للانتقال الان ), وذلك لأن الدوائر الغربية فى سباق مع الزمن لفرض الاستقرار فى هذه المنطقة استباقا لما يلوح به العسكر من تمكين روسيا من استكمال الاتفاق على انشاء قاعدة روسية فى فلمنكو وايجاد موطىء قدم لها على البحر الأحمروفى السودن
ان حزب البعث بانسحابه غير المحسوب من تحالف قوى الحرية والتغيير انما يؤدى الى اضعافها و يكون هو فى منزلة من يشرعن الانقلاب وليس التوقيع على الاتفاق الطارى, علما بأن الاتفاق ا لاطارى ينص على أنه اطار مطروح للتعديلات.
وبالاطلاع السريع على الاتفاق الاطارى, نجد أن استبعاد العسكر من السلطة وتسليمها للمدنيين هو الهدف الاستراتيجى الأول الذ يقود الى اسكمال امن للفترة الانتقالية.
وفى هذا المقام لابد من القول بان التسويات هى دائما الحل الاخير والدائم لكل خلاف , وأن التسويةالتى تنزع السلطة من العسكريين وتسلمها للمدنيين هى التى تقلل الكلفةمن الدماء وتوفر الزمن للبناء والتنمية .