الهيئة العربية للمسرح تعلن الفائزين في النسخة السابعة عشرة من مسابقة تأليف النص المسرحي للطفل
مصر تتصدر المراتب الثلاث الأولى... وأطفال الحكايات الشعبية يعودون بثوب معاصر

كتبت : سماح طه
في مشهد يؤكد ازدهار الإبداع المسرحي العربي الموجّه للطفل، أعلنت الهيئة العربية للمسرح نتائج النسخة السابعة عشرة من مسابقة تأليف النص المسرحي الموجَّه للطفل (من 3 إلى 18 سنة)، بعد منافسة حادة بين عشرات النصوص التي وصلت إلى قائمة العشرين المتأهلة. وقد خُصصت هذه الدورة لتكون ضمن ناظم “أطفالنا أبطال جدد في حكاياتنا الشعبية”، في توجه فني يرمي إلى استلهام التراث وتجديده بلغة معاصرة.

وتهدف الهيئة من هذا المحور إلى إعادة إدماج شخصيات الأطفال المعاصرين داخل الحكايات الشعبية العربية، بما يمنح هذا الموروث الثقافي حياة جديدة، ويحرّره من الصور النمطية السلبية التي علقت به عبر الزمن. فالفكرة لا تقف عند حدود الترفيه، بل تسعى إلى تجسير الهوة بين الأجيال الجديدة وموروثها الإنساني، وإلى إكساب الحكاية الشعبية قدرة على الحوار مع الواقع الحديث وقضايا الطفولة الراهنة.
مصر تتألق بثلاثية الفوز
وجاءت نتائج المسابقة هذا العام لتؤكد الحضور اللافت للمبدعين المصريين في حقل أدب ومسرح الطفل، إذ فازوا بالمراكز الثلاثة الأولى على التوالي:
المرتبة الأولى: نص “محاكاة سيرة الزير” للكاتب عبد الحكيم رخية، الموجّه للفئة العمرية من (14 إلى 18 سنة).
المرتبة الثانية: نص “الهلالي الصغير” للكاتب محمد سرور، الموجّه للأطفال من (10 إلى 15 سنة).
المرتبة الثالثة: نص “علاء الدين ومصباح صنع في الصين” للكاتب هاني قدري، الموجّه للأطفال من (8 إلى 12 سنة).
تحكيم نسوي عربي
وجاءت لجنة التحكيم هذا العام بكاملها من المبدعات العربيات، في إشارة رمزية إلى تنامي حضور المرأة في المشهد الثقافي العربي، وضمّت كلّاً من:
الدكتورة سناء شعلان (الأردن)
الدكتورة كنزة مباركي (الجزائر)
الأستاذة روعة سنبل (سوريا)
وقد عبّر الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبد الله، عن فخره بالمستوى الرفيع للنصوص المشاركة، وهنّأ الفائزين، مشيداً بجهود لجنة التحكيم وما أبدته من حياد ومهنية عالية. كما أشار إلى أن عدداً من النصوص غير الفائزة ستلقى اهتماماً خاصاً من الهيئة لما حملته من جِدّة وجماليات فكرية ومضمونية تستحق القراءة والدعم.
الموروث في ثوب جديد
تكشف هذه الدورة عن تحوّلٍ لافت في تناول الحكاية الشعبية العربية، إذ لم تعد تُقدَّم بوصفها مادة تراثية جامدة، بل كمجال للتأمل والتجريب وإعادة الكتابة. فالأطفال الذين كانوا متلقين سلبيين أصبحوا أبطالاً فاعلين، يعيدون اكتشاف قيم الشجاعة والصدق والعدل بلغة تناسب عالمهم الرقمي المعاصر.
ويُجمع النقاد على أن هذا التوجّه يعكس وعياً عربياً متنامياً بأهمية المسرح التربوي ودوره في تشكيل وجدان الطفل، خاصة في ظل التحديات الثقافية والإعلامية التي تواجه الأجيال الجديدة. كما يرون أن المسابقة، التي تنظمها الهيئة منذ سبعة عشر عاماً، باتت تشكّل مرجعاً عربياً معتمداً في تطوير أدب ومسرح الطفل، وفضاءً لاكتشاف أصوات جديدة تضيء خشبات المستقبل.
الهيئة العربية للمسرح… مشروع ثقافي مستدام
تأسست الهيئة العربية للمسرح عام 2007 بمبادرة كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لتكون بيتًا للمسرحيين العرب ومنصة للنهوض بالمسرح في الوطن العربي. ومنذ انطلاقتها، تبنت الهيئة نهجًا يقوم على التمكين المعرفي والتربوي عبر مشاريع ومسابقات وبرامج تدريبية تمتد من النص إلى العرض، ومن الكبار إلى الأطفال.
وتضع الهيئة مسرح الطفل في مقدمة أولوياتها، إدراكًا منها أن بناء الإنسان يبدأ من الخشبة الصغيرة، وأن المسرح وسيلة فاعلة لغرس القيم الإنسانية والجمالية في نفوس الأجيال الصاعدة. ومن خلال هذه المسابقة السنوية، تواصل الهيئة أداء رسالتها الثقافية في صون الهوية العربية وتجديد أدوات التعبير الفني بما يواكب العصر ويحافظ على روح الأصالة.



