الرئيس السيسي يرعى الدورة السادسة عشرة من مهرجان المسرح العربي في القاهرة
القاهرة... حين يتنفس المسرح العربي على ضفاف النيل

القاهرة : سماح طه
في يناير المقبل، تتجه أنظار المسرحيين العرب نحو القاهرة، التي تستعد لاحتضان الدورة السادسة عشرة من مهرجان المسرح العربي، تلك التظاهرة التي تُعدّ الأبرز في المشهد الثقافي العربي، والتي تأتي برعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 10 إلى 16 يناير 2026، بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح وبالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية.
رعاية رئاسية تؤكد مكانة المسرح في وجدان الأمة
هذه الرعاية من فخامة الرئيس ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل تجسيد حقيقي لتقدير الدولة المصرية لدور المسرح في بناء الوعي وتعزيز الهوية، كما تعكس ما توليه القيادة من اهتمام بالفنون باعتبارها رافعة للنهضة الإنسانية وأداة لترسيخ قيم الجمال والتنوير.
وقد عبّر الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبد الله، عن امتنانه لهذه الرعاية الكريمة، مؤكدًا أن اختيار القاهرة لاستضافة هذه الدورة يأتي لما تمثله من رمزية تاريخية وثقافية جعلتها عبر العقود مهدًا للفكر المسرحي العربي ومنارة للإبداع.
وقال عبد الله: “إن الهيئة العربية للمسرح تعمل على تقديم دورة استثنائية تليق بمكانة القاهرة وبقيمة المسرح العربي، من خلال برنامج فكري وجمالي متنوع يجمع بين الإبداع والتجديد، ويستجيب لتطلعات المسرحيين العرب.”
مؤتمر فكري يواكب التحولات النقدية
وفي إطار فعاليات المهرجان، كشف عبد الله أن المؤتمر الفكري المصاحب دخل مرحلة تحكيم الأوراق البحثية، التي بلغ عددها ستين بحثاً من باحثين ونقاد عرب، تتنافس على المشاركة ضمن جلساته العلمية.
وأكد أن المؤتمر سيشكّل محطة فاصلة في مسارات النقد المسرحي العربي، إذ يسعى إلى بلورة رؤى جديدة تقرأ التحولات الجمالية والفكرية في المسرح العربي المعاصر، وتعيد تعريف علاقة المسرح بالتحولات الاجتماعية والثقافية في العالم العربي.
رؤى القاسمي… وتأسيس مشروع ثقافي عربي متكامل
وأوضح الأمين العام أن الهيئة العربية للمسرح تستمد قوتها من رؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، الذي وجّه خلال اجتماعه الأخير بمجلس أمناء الهيئة إلى ضرورة تجذير الثقافة المسرحية في المجتمعات العربية، وإعادة المسرح إلى مكانه الطبيعي كمؤسسة فكرية وتربوية وجمالية في قلب الحياة العربية.
وفي هذا الإطار، أطلق سموّه مبادرتين ثقافيتين بارزتين من شأنهما أن تُحدثا نقلة نوعية في المشهد المسرحي العربي.
الأولى هي مهرجان المسرح العربي المدرسي، الذي تعمل الهيئة على وضع لوائحه التنظيمية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وكافة وزارات التربية والتعليم العربية، ليكون مهرجانًا متنقلاً بين الدول العربية، يهدف إلى اكتشاف المواهب الصغيرة وغرس قيم الفن والجمال في نفوس النشء، ليصبح المسرح أداة تربوية قبل أن يكون عرضاً فنياً.
أما المبادرة الثانية، فهي “جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي للتميّز المسرحي للشباب”، والتي تُعنى باكتشاف الطاقات المسرحية الشابة ودعمها وتقدير منجزها الإبداعي، بحيث تُسهم في تكوين جيل جديد من المسرحيين العرب المؤمنين برسالة المسرح وبدوره الحضاري.
القاهرة… منارة المسرح العربي
ومع بدء العد التنازلي لانطلاق المهرجان، تشهد القاهرة حراكاً ثقافياً واسعاً، إذ تعمل الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية ومؤسساتها المختلفة على إعداد برنامج ثري بالفعاليات والعروض والندوات، يجمع بين التنوع الجغرافي والجمالي، ويمنح المسرح العربي فرصة جديدة للتلاقي والتحاور.
وسيكون المهرجان، وفق ما أكده عبد الله، عرساً مسرحياً عربياً بامتياز، تُرفع فيه رايات الفن وتُضاء به دروب الثقافة، ويجتمع على خشبته المبدعون من كل الأقطار العربية، ليجددوا العهد على أن المسرح سيظل ضمير الأمة وصوتها الحيّ ومجالها المفتوح للحلم والحرية.
وهكذا، تتهيأ القاهرة لأن تكون في يناير القادم موئلاً للضوء والإبداع، حيث يتنفس المسرح العربي على ضفاف النيل، وتلتقي الخشبة بالوجدان، والإنسان بالجمال، في دورة تُعدّ وعداً جديداً للمستقبل، واحتفاءً بالمسرح الذي لا يزال قادراً على أن يقول كلمته في وجه العتمة.