“السلام الحقيقي،ام وهم الوصايا” بقلم.. “أحمد قرشي دلميت”

السلام الذي ينادي به السودانيون ليس سلعة في أسواق السياسة، ولا ورقة تفاوض يلوّح بها الخارج متى شاء. السلام الحقّ لا يُفرض بالقوة، ولا يُصنع في غرف مغلقة على مقاس القوى الإقليمية والدولية، بل يولد من إرادة شعب صمد ودفع الدماء ثمناً لكرامته.
أي محاولة لإعادة الجنجويد إلى المشهد ليست سلاماً، بل مؤامرة مكتملة الأركان. هذه المليشيا التي تلطخت أيديها بالدماء لا يمكن أن تُغسل بقرار دولي أو اتفاق مصطنع. من يقبل بعودتها إنما يزرع خنجراً مسموماً في خاصرة السودان، ويمهّد لكابوس تتوارثه الأجيال القادمة نيراناً ودماراً.
إن فرض “سلام” مشبوه عبر الوصاية الدولية هو في جوهره حربٌ ناعمة، تستهدف سيادة السودان وتعمل على تفكيك دولته من الداخل. كيف يكون سلاماً أن تُدمج مليشيا خارجة عن القانون داخل المؤسسة العسكرية، أكبر وأخطر مؤسسات الوطن؟ أليس ذلك هو الاختراق بعينه؟ أليس هو الانتحار الوطني الممهور بتوقيعٍ خارجي؟
السلام الذي نريده ونقاتل من أجله، هو السلام الذي تصنعه القوات المسلحة، حارسة السيادة وحامية الأرض والعرض. سلامٌ يفرض هيبة الدولة، يطهّر البلاد من المليشيات، ويعيد للسودان مؤسساته الوطنية خالصةً بلا شوائب.
فليعلم الجميع: السودان لا يقبل سلاماً مزيفاً، ولا ينحني لوصاية خارجية. السلام عندنا ليس استسلاماً ولا مساومة على الدماء، بل هو مشروع وطني جامع، يبدأ من محاسبة المجرمين، ونزع السلاح من كل يدٍ عابثة، وبناء دولة قوية عصيّة على الاختراق.
هذا هو السلام الذي يستحق أن يُرفع اسمه، وما عداه ليس إلا خدعة كبرى، عنوانها الخيانة وباطنها الاحتلال بوجهٍ جديد.