صقور الجديان.. دماء في الملعب وفرح في الوطن ..الوخز بالكلمات ..بقلم ” سعدية إلياس “

لم تكن مواجهة المنتخب السوداني أمام الجزائر مجرد مباراة عابرة، بل كانت معركة كروية حقيقية، امتزجت فيها القوة بالعزيمة، والدموع بالدماء، والظلم بالصمود.
الجزائر سجلت هدفًا في الشوط الثاني، هدف أثبتت الإعادة أنه غير صحيح، لكنه احتُسب ليمنح “الخضر” عمرًا جديدًا في لقاء كان في طريقه للنهاية. ذلك القرار التحكيمي أعاد الضغط على صقور الجديان، وأجبرهم على خوض أشواط إضافية، تزايدت فيها طموحات الخصم لحسم النتيجة بهدف ثانٍ.
لكن.. هناك رجال كانوا على العهد.
كان صلاح عادل أحدهم، لاعبًا لا يعرف الاستسلام. لم يذق الراحة منذ لقاء السنغال، وظل يتعرض للعنف المقصود في محاولة لإبعاده عن الميدان، لكنه واجه الألم بالصلابة، وضحى بدمائه من أجل الشعار، ومن أجل السودان.
ولم يكن وحده؛ فقد شكلت المجموعة كلها جدارًا صلبًا، من أسد وكانتي، إلى روفا وطبنجة وياسر. أسماء لعبت بكل ما تملك، لتبقي على الحلم حيًا، حتى صافرة النهاية.
ثم جاءت لحظة الحسم..
محمد النور “أبوجا”، الحارس الذي ارتدى ثوب الهدوء في أكثر اللحظات صخبًا. كان واثقًا، حاضرًا، كبيرًا بحجمه النفسي قبل الجسدي. تصدى لركلات الجزاء القوية وكأنه يكتب فصلًا جديدًا من تاريخ صقور الجديان بيديه. ومن يده خرج الفرح، ومن يده أُهدي للشعب السوداني انتصار لا يقدر بثمن.
تأهل السودان إلى نصف النهائي لم يكن مجرد فوز رياضي؛ كان غسلًا لجراح شعب أنهكته الحرب والنزوح، وبسمة صافية وسط غبار الأيام. لقد قال صقور الجديان بعرقهم ودمائهم: لسه فينا الخير، ولسه فينا عزيمة وطن.