“ولما تغيب عن الميعاد “بقلم ..جارالنبي ابراهيم عبدالعاطي – التايمز نيوز
رأي

“ولما تغيب عن الميعاد “بقلم ..جارالنبي ابراهيم عبدالعاطي

وفي احزان عيون الناس
وفي الضل الوقف ما زاد.
.

الاستاذ/كمال طه..
.
ذهبت بصمت، وتركت نقاطك فوق الحروف ذكريات محفورة كأنها ايقونة في كتاب الزمان، كانها الف ليله وليله في ناصية المكان ،،
كانها السرد المبجل في ضمير الانبياء، ،كانها الاقمار، كانها الحلم الجميل في عيون الابرياء..
كم كانت اللحظات عصيبة عندما تمشي خلف نعش كان صاحبه بالامس القريب صوتا وصولجانا، واسما ورسما حفر في ضمير الوجود ورودا وريحانا وترك ارثا تنوء عن حمله الجبال.
ذهب بصمت ولا صوت يعلو عناقيد النخل الا ذلك الصمت المهيب الذي يخيم علي الجسد المسجي المخفور بالكافور ومسك الخاتمة ودموع المحبين ودعواتهم الصادقة،،ولتبقي المدينة المسكونة بالحزن تحثو التراب فوق جروفها، ،وتبقي الحروف التي كانت حاضرة في اذهاننا مشاعل مكتوبة علي سبورة الذاكرة نقاط تبديء وتعيد صورا ومشاهد تتناقلها الاجيال..
كمال طه:
الأديب ذلك الذي ضل طريقه للصحافة الرياضية،، كلماته اشراقة مبهجة تخرج من لجة الزمان ومفردات تعلقت بدفاتر( الايام)، وسحر( البيان)، ، (واخبار العرب)، ،وزخم (الخليج)،،والسطر المكلل (بالكمال)،،(ونقاطه فوق الحروف) ،،وحروفه رسالة معنونة كالعناقيد لايفصل بعضها البعض لها في القلب اثر وفي الروح سطر وفي الذاكره صور..

السفير كمال طه:
كان الراحل كمال طه سفارة بحالها، داره وقلبه الأبيض الكبير مفاتيح خير مفتوحان بالحب لكل زائر، ، لا يتكلف الابتسامة فهي حاضرة كحضور الشمس في رابعة النهار،، وسيم كانه شعاع النجمة، شيم كشيمه السوداني الاصيل،،، في صفائه ،ورخائه،وكرمه الفطري..
عندما تلتقيه تحس انه شقيقك،الذي يسال عن احوالك ويذلل مصابك، ، حباه الله بالقبول ،ومفاتيح الخير، الخير يجري بين يديه، فكم من بيوت اوقد شمعاتها، وكم من وفود اكرم وفادتها، وكم من نجوم لونها بضوء القمر وجعل منها اساطير، وجعل عبرها السودان محطة للثقافة والفن والادب .

ليس اخيرا:
ذاكرتي تستدعي صورا ومشاهد للراحل العظيم جلها مضاءه بعطاءه وسخاءه، وكريم اخلاقه، ونبل خصاله، وثراء القيم التي يتمع بها، حتي صار في الزمان مدرسة للخلق ومثالا للدماثة ونموذجا للوجدان السامي..

انا تلميذ الاستاذ/كمال طه:
التقيته لاول مره في العام 1978,بدبي، كان وقتها مديرا لمجلة النصر الإماراتي، عرفته بنفسي، واعجابي بكتاباته منذ أن كان في جريدة الايام، كما عبرت له عن حبي لاعمدته التي يغلب عليها الادب والثقافة العالية والتناول الجاد، والنقد الهادف،،والحروف الذهبية التي احاول ان اقلدها ،شكرني كثيرا واصبحنا من وقتها صديقين، نجتمع في مساءات الشارقة وعجمان ،لانهل من معينه الادبي ما اتاح لي الان ان اعبر عن ما تعلمته منه ومن الراحل المقيم الوالد الخير ود ابو الخير الشنداوي..

وداعا استاذي:
نم قرير العين هانئا بعد ان نقشت اسمك علي لوح محفوظ، وطرسا لا يمحي حبره، ولا ينسي خبره..
السودان فخور بك لانك اديت الامانة كما ينبغي، فقد كنت سفيرا فوق العادة، صنت ابناء شعبك، وحفظت لهم مكانة، ،واودعت لهم امانة، وتركت لنا ارثا من الايثار، وثراء القيم ونقاء الشيم..
نقشت اسمك باحرف من نور ونضار في ذاكرة التاريخ ومحارة الوجد ونبض الوجدان.. نم يا استاذي الكريم قرير العين..
لله الأمر من قبل ومن بعد، ان العيون لتدمع، والقلوب لتحزن، ولا نقول الا ما يرضي الله.
(انا لله وانا اليه راجعون )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى