الجنرال خميس أبكر: الحركات الموقعة على السلام لا مصلحة لها في زعزعة الاستقرار والأمن بدارفور
الاتفاق الإطاري مفتاح لبناء دولة ديمقراطية..

الخرطوم: مهند عبادي
يقول الجنرال خميس أبكر والي غرب دارفور إن الولاية تشهد استقرارًا أمنيًا تامًا بفضل المصالحات والجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة الولاية بالتعاون مع المجتمع لتحصين وحماية اتفاقيات الصلح وإيقاف الاقتتال القبلي وعدم العودة الى الوراء مجددًا، ويضيف خميس أن الولاية شهدت موسمًا زراعيًا ناجحًا وإنتاجًا كبيرًا لم يتوفر مثيل له منذ العام 2013، ورأى خميس أن المطالب بإلغاء اتفاق السلام قصور في الفهم ولا تصدر إلا من شخص لا يمتلك وطنية، وأكد بأن الوضع الإنساني يحتاج الى تدخلات عاجلة لمواجهة ما خلفته الأحداث الأخيرة، وأعلن تآييده للاتفاق الإطاري بوصفه مفتاحًا نحو ملء الفراغ الدستوري بالبلاد وانسياب الدعم الدولي الذي سوف ينعكس إيجابًا على الوضع الإنساني بدارفور وعلى تنفيذ اتفاق السلام، وبناء الدولة الديمقراطية..
• في البدء كيف هي الأوضاع الأمنية بالولاية؟
ولاية غرب دارفور تعيش حاليًا في استقرار تام ، رغم أنها مرت بظروف صعبة جدًا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بفعل الاضطرابات الأمنية التي وقعت في عدد من المحليات” كرنيك، صليعة ، الجنينة ، بيضة، جبل مون ” وغيرها، ولكن في هذه الأيام تشهد كافة |أرجاء غرب دارفور استقرارًا تامًا، وهذا كله يرجع إلى الجهد المبذول من قبل حكومة الولاية في العمل على استباب الأمن والوصول إلى الاستقرار الكامل، من خلال العمل المضني الذي تنفذه الأجهزة الأمنية والمشاركة المجتمعية المتمثلة في اتجاه حكومة الولاية لإشراك الإدارات الأهلية، والمرأة والشباب من مختلف المكونات القبلية في الولاية، الأمر الذي انعكس ايجابًا على استقرار الأوضاع بالولاية، ووفقًا للتقارير فإن غرب دارفور تعتبر في الوقت الراهن الأولى بين ولايات البلاد من ناحية الاستقرار الأمني.
• هل يعني هذا أن المصالحات القبلية أدت إلى استقرار الأوضاع؟
بالتأكيد أسهمت في ذلك ، وانا وقبل أن أتسلم مسؤولية حكومة الولاية لدي آراء واضحة في هذا الأمر ومقتنع جدًا بأن الأمن لن يستقر بنشر القوات والأسلحة والدبابات في الشوارع فقط، ولابد من مبادرات لرتق النسيج الاجتماعي، وإزالة أسباب التفرقة والانقسام التي يعيشها مجتمع غرب دارفور، لذلك شجعت كافة المبادرات في هذا الخصوص، ووضعنا المصالحات كأولوية قصوى، وتركنا المساحة لكافة مكونات الولاية المختلفة لإدارة نقاش حول القضايا الخلافية وصولًا إلى الاتفاقيات والمصالحات.
• ألا تخشون من النكوص عن هذه الاتفاقيات والمصالحات؟
لن نسمح بذلك وسنوفر الحماية لهذه المصالحات وتحصينها حتى لا نعود خطوات للوراء ، ووجب الإشارة هنا إلى أن المكونات المجتمعية والقبائل نفسها قد كونت لجان مشتركة لإدارة المشكلات ومعالجتها مستقبلًا حتى لا تتطور إلى أزمة كبيرة.
*هل من أثر ملموس لهذه المصالحات وسط المجتمعات في الولاية؟
بلاشك فإضافة إلى الاستقرار الأمني فقد ساعدت الاتفاقات على استقرار المواطنين ونجاح الموسم الزراعي، وبفضل الله تعالى يعتبر الموسم الحالي من أنجح المواسم الزراعية، والإنتاج فيه كبيرجدًا وبحسب متابعتنا فإنه يعتبر أكبر إنتاج ولم تشهد الولاية مثيل له منذ العام 2013، كما أن حكومة الولاية قد وضعت خطة لحماية الموسم الزراعي والحصاد وتشكيل لجان بغرض تعزيز المصالحات .
*وماذا عن النازحين جراء الأحداث في غرب دارفور؟
ملف النازحين كبير جدًا ، كما أن الوضع الإنساني صعب للغاية في غرب دارفور والأحداث الأخيرة خلفت أوضاعًا قاسية جدًا، ولكننا في الحكومة نجتهد مع الشركاء لمعالجة المشكلة في الأوضاع الإنسانية، ومعلوم أنه وبناء على اتفاق السلام فمن المفترض أن تتم عودة النازحين إلى قراهم ولكن الولاية والمركز لن ينجحوا في تنفيذ هذا الأمر في ظل غياب الدعم الدولي المتوقف بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد، والتي حالت دون تدخل المجتمع الدولي ومعالجة الوضع الإنساني.
*وكيف تتعاملون مع هذا الوضع؟
نحن في غرب دارفورعقدنا اجتماعًا قبل أسابيع مع مفوض حقوق الإنسان بالفاشر وطالبنا فيه بفصل قضايا إقليم دارفور عن قضايا المركز الإنسانية، وأن يكون التعامل معنا بشكل منفصل بهدف معالجة الأوضاع الإنسانية بالإقليم بشكل عام ، والولاية خاص،سيما أننا في حاجة ماسة إلى تدخلات وتوفير مطلوبات للنازحين المنتشرين بأكثر من “197” معسكرًا ومركز إيواء، وتجدر الإشارة هنا إلى أننا في حكومة الولاية لدينا خطة تتعلق بتخطيط هذه المعسكرات، وبدأنا بتخطيط”5″ آلاف قطعة سكنية وتحديد المربعات، ورفعنا الخطة إلى تخطيط”15″ ألف قطعة، ونجحنا في الاتفاق مع المنظمات المانحة للمساهمة معنا في عملية التخطيط ووفرت لنا المنظمات “50” ماكينة لصناعة الطوب، وتدريب العاملين عليها، حتى نتحول من السكن التقليدي والمشمعات والمواد المحلية إلى الثابتة.
*وماذا تقدم المنظمات الإنسانية الموجودة حاليًا؟
في حقيقة الأمر فإن عمل المنظمات الإنسانية مستمر، ولكن خدماتها تقلصت لأسباب موضوعية تتعلق الإشكاليات العالمية وحرب روسيا وأوكرانيا معظم المانحين اتجهوا نحو أوكرانيا، والموجودة حاليًا تقوم بتوفير الغذاء وفقًا لإمكاناتهم المتوفرة، بينما يتطلب العمل على توفير السكن إلى مشاريع كبيرة وهذا لن يتأتى إلا في أجواء الاستقرار السياسي بالسودان، لذلك هم مستمرون في توفير الغذاء فقط وبشكل عام يمكنني التأكيد على أن معظم النازحين خرجوا من دائرة تلقي الغذاء بعد أن اتجهوا إلى الزراعة في هذا الموسم ونجحوا فيها .
• وبالنسبة للأمن الغذائي في الولاية خاصة مع وجود تقارير تتحدث عن فجوة غذائية متوقعة بدارفور؟
الأوضاع مستقرة تمامًا ، لدينا الآن حوالي”40″ ألف جوال دقيق في طريقها إلى غرب دارفور، فضلًا عن ألفي جوال ذرة مقدمة كدعم من ديوان الزكاة بالقضارف أيضًا في طريقها إلى الولاية، إلى جانب استمرار المساعدات الإنسانية، لذلك فلا نخشى حدوث فجوة غذائية ، بل نجتهد حاليًا في توفير الخدمات الأخرى كالمياه والكهرباء والمراكز الصحية، ومؤخرًا لدى زيارة سفير النرويج والسفير الفرنسي بعده بأيام إلى الولاية، ناقشنا معهم كيفية معالجة تراكم النازحين واستمرار الدعم الإنساني، كما لدينا اجتماع في الايام المقبلة مع سفراء الاتحاد الأوربي لمناقشة هذه المسألة.
*مارأيك في المطالبات بإلغاء اتفاق السلام؟
في تقديري أن هذه المطالبات لا تصدر إلا من شخص لديه قصور في الفهم وغير إنساني ولا يمتلك ذرة وطنية ، وفي الحقيقة أنااستغرب حديث كهذا ، خاصة وأن اتفاق السلام قد أوقف الحرب، ومنذ التوقيع عليه لم تحدث مواجهة بين الحركات الموقعة والحكومة، وهذا هو المطلوب، سيما وأنه لا توجد أي مصلحة في استمرار الحرب، وأي حديث عن إلغاء الاتفاق يعني العودة للحرب، وهو ما لن يحدث في ظل التزام الحركات والحكومة بالاتفاق.
• ولكن هذه المطالبات يرددها البعض بحجة أن الاتفاق لم يحقق السلام؟
هذا حديث غير مقبول ، يكفي أن الحرب توقفت ، وصحيح أن الاتفاق لا يمضي بشكل جيد وكما هو مطلوب، وهناك بروتوكولات لم يتم الحديث عنها ، في قضايا العدالة الانتقالية والنازحين والحواكير والخدمة المدنية ، ولكن في تقديري لا توجد جهة يمكن أن تلغي الاتفاق حتى وان كنا نحن غير موجودين فهذا الاتفاق دين على حكومة السودان سوف تسعى لتنفيذه بغض النظر عمن هو موجود من الحركات الموقعة على الاتفاق، ونحن في الحركات والحكومة ملزمين بالاتفاق رغم الصعوبات وغياب الدعم الدولي.
• حتى الترتيبات الأمنية هناك شكاوى من البطء في تنفيذها؟
أعتقد أن الترتيبات الأمنية هي الملف الوحيد المتحرك، وقبل فترة قامت الحكومة بتخريج الدفعة الأولى من قوات حماية المدنيين بدارفور، وسوف تستمر في تخريج الدفعات ،ورغم الهشاشة الأمنية لكن هذه القوات سوف توفر الحماية المطلوبة وهي قوة قادرة على جمع السلاح وفقًا لصلاحياتها، وفي مجملها تقدر القوة بـ”22″ ألف جندي وسوف تتحمل المسؤولية كاملة في إقليم دارفور.
• قضية جمع سلاح الحركات الموقعة على السلام حولها لغط كبير ما تعليقك؟
مسألة جمع السلاح يفترض أن تتم وفقًا لاتفاق السلام عبر اللجان المنصوص عليها ، وهذه اللجان لم يتم تشكيلها حتى الآن وتضم أعضاء من الحكومة وأطراف السلام، واليونيتامس،والمجتمع الدولي، لذلك توجد صعوبة في جمع السلاح.
• البعض يرى أن ترك السلاح بأيدي قوات الحركات أفرز ظواهر سلبية؟
في تقديري أن هذا الكلام غير حقيقي ونحن بنعرف قواتنا جيدًا وقادرون على ضبطها ، والإشكالية القبلية والصراع الدموي في دارفور منذ 2019 ووقتها لم تكن هناك في حركات، ويجري الصراع بين القبائل فقط ولا علاقة له بالحركات ، صحيح ربما يكون هناك بعض المتفلتين من بين الحركات ولكن هؤلاء لا يقومون بعمل منظم بل تصرفات فردية ، وأؤكد لك بأن الحركات الموقعة على السلام لا مصلحة لها في زعزعة الاستقرار والأمن ومن مصلحتها الاستقرار الكامل في دارفور حتى تتمكن من إعادة أهاليهم إلى القرى.
• ما موقفكم من العملية السياسية والاتفاق الإطاري الذي تم التوقيع عليه مؤخرًا؟
في حقيقة الأمر نحن كولاة ولايات نعاني جدًا من الفراغ الدستوري، لذلك فإننا ندعم الحوار، وأعتقد أن هذه العملية والاتفاق الإطاري جهد وخطوة مهمة نحو الحوار ومشروع للنقاش والتحاق الآخرين به وهو ضرورة لتوفير حكومة تقوم بالإشراف على الولايات والوزارات وتقديم خدمات للمواطنين، ومن جانبنا فنحن ندعم ونشجع المضي في الاتفاق الإطاري خاصة وأن البلاد تمر بظروف صعبة جدًا، وأزمات كبيرة.
• هل تعتقد أن الاتفاق سوف يقود لإنهاء الأزمة الحالية؟
بالتأكيد سوف ينهي الأزمة ، ولكن يجب على الجميع إدراك أن البلاد تمر بمرحلة بناء الدولة، والاستعداد لهذه المرحلة بشكل جاد ، ومناقشة القضايا الكبيرة المهمة منذ الاستقلال ، والابتعاد عن المغانم والاكتفاء بالمشاركة في السلطة، فضلا عن الوصول إلى اتفاق سياسي ، يقود البلاد إلى بر الأمان، والانتخابات ودولة الديمقراطية .
• أنت متهم بانتهاك حقوق الإنسان ضد أبناء الولاية المسجونين في الأحداث الأخيرة من بعض الجهات؟
هذه نقطة مهمة، ولكن في الحقيقة أنا استغرب جدًا من بذل مثل هذه الاتهامات من بعض الجهات في الوقت الحالي فقط ولم يسبق لنا أن سمعناهم يتحدثون عن انتهاكات حقوق الإنسان بغرب دارفور طيلة السنوات الثلاث الماضية المليئة بالانتهاكات، ورغم سقوط آلاف القتلى منذ 2019، ونهب الممتلكات ودمار القرى لم نجد منهم أي نداء لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، وأما فيما يتعلق بالمحبوسين، أو التأكيد على أنني تسلمت مسؤولية الولاية ووجدت بعضهم محبوسين، وأغلب المسجونين بطلب من أسرهم، والبقية حبسناهم لأسباب ،أولها أننا وعند عقد اتفاق المصالحات، اندلع الصراع بين بعض المكونات القبلية وبموجب قانون الطوارئ أوقفنا المتفلتين، ووضعناهم في السجن ، وكل من يتهمون الوالي باساءة السلطات وسجن الموقوفين دون قانون فإنهم لا يعلمون بأن غرب دارفور الولاية الوحيدة التي تم استثناؤها من رفع حالة الطوارئ ،لذلك فان سجن الموقوفين تم وفقا للطوارئ، وبشكل عام نحن بشر ونعلم أن لدى هؤلاء أسر تحتاجهم لذلك شكلت حكومة الولاية لجنة لدراسة حالتهم وتم اطلاق سراحهم.
• مشاكل كبيرة تحدث على الحدود ما مدى قدرة القوات المشتركة بين السودان وتشاد على ضبط الحدود؟
طبعا أوضاع ومقدرات القوات السودانية التشادية تراجعت وتاثرت بعد الثورة ، ولكن مؤخرًا وعقب عقد اجتماع بين البلدين فقد تم تعزيز القوات المشتركة،بآليات وقوات إضافية، وتلعب هذه القوات دورًا كبيرًا في الشريط الحدودي، خاصة وأن مجتمع الحدود متداخل ويعتبر شعب واحد في دولتين لذلك عند وقوع الصراعات فان التاثيرات تكون واضحة للتداخل الكبير ، والحركة المستمرة، كما أن طول الحدود يجعل مهمة السيطرة عليها بشكل كامل مهمة في غاية الصعوبة، مع هذا التداخل، ولكن أعتقد أنه وبعد التعزيز وإضافات قوات من الشرطة والأمن سوف تزداد فاعلية القوات المشتركة، ولكن بشكل عام فإنها تعمل بشكل جيد وتساهم في المصالحات بالدولتين، ونحن في القريب العاجل سوف نعقد مؤتمرًا بين الولايات الثلاث الحدودية في الدولتين لمناقشة القضايا الحدودية والأمنية والاجتماعية والتجارة، وتكوين آليات مشتركة لذلك من المتوقع أن يكون ضبط الحدود أفضل عقب انعقاد هذا المؤتمر.