لان ضميرها وقلبها أبيض كان لابد أن تأخذ موقعها ومساحتها من صندوقي هذا، تعرفت إليها مطلع الألفين وزاملتها في عدد من الصحف، فتاة يافعة شاطرة وواثقة من نفسها، تدير الحوارات السياسية بمهارة عالية، اكتسبت ثقة إدارات كل الصحف التي عملت بها وكذلك مرؤسيها وزملائها وزميلاتها. أبدعت في الفترة التي زاملتها فيها وآخرها صحيفة (الوطن) أيام كان رئيس تحريرها سيدأحمد خليفة رحمه الله رحمة واسعة.
انزوت فترة من الزمن عن العمل الصحفي خاصة بعد زواجها من زميلنا وأخينا الهادي الأمين وتفرغت لأسرتها وتربية أولادها وأظن لأسباب أخرى منها بيئة العمل الصحفي التي أصبحت لكل الصحفيين دون الطموح، إنها أختي وزميلتي صباح أحمد، أم أحمد، علي، عمر وتواد.
في انزوائها هذا وانشغالها وتفرغها لأسرتها لم تنس صباح ولم تفارقها متاعب مهنتها ولم تنس كذلك شعبها وأهلها ومعاناتهم اليومية في الحياة والتي أصبحت من الصعوبة بمكان، صباح آثرت أن لا تتوقف وتبتعد عن العمل الصحفي الذي مارسته بالفطرة، حيث أصبحت منذ مدة طويلة تطل علينا كل يوم من خلال (السوشيال ميديا) بكتابة (منشوراتها) اليومية في (الفيس بوك)، فتحت قلبها الأبيض ورسمت بيتها وحكاياتها الشائقة مع أسرتها الصغيرة والكبيرة كأنك في وسطهم وهي تسرد كل يوم قصص زوجها وأولادها وجيرانها وصديقاتها وأحبابها بالتفاصيل حتى معاناتها اليومية في المعيشة ابتداء من ترحيل أولادها للمدارس مرورا بصاحب الفرن أو الخضار واللحم والطعمية وحتى صاحب الزريبة، تشرح يوميًا حال الشارع ومعاناة الناس والغلاء الذي يزداد يوما بعد يوم.
لم تخجل يومًا أو تخفي شيئًا، بل تتحدث بكل جراءة وشجاعة تحسد عليها عن كل شيء أرادت أن تتحدث عنه، تنقلنا يوميًا بالتفاصيل إلى كل الأحداث التي تمر بها في يومها، بداية بكباية القهوة وشراب الشاي مع اولادها وزوجها، هذا المشهد يعطيك إحساسا بالحميمية والإلفة والارتباط القوي الذي تعيش فيه أسرتها.
ولم تنس كذلك في وسط كل هذا الزحام أن تأتي بأخبار السياسيين وتناوش بعض زملائها الصحفيين بالحديث والتعليقات الجادة واللطيفة.
لذلك كله أرى أن صباح ريحانة (السوشيال ميديا)، أرست أدبًا وطريقة جديدة للكتابة الصحفية المحببة التي جعلتها تكون حاضرة في وسطها الصحفي رغم غيابها جسديًا عن المؤسسات الصحفية، أثبتت من خلال ذلك أنها مثلهم ومعهم في متابعة كل الأحداث خارجيا وداخليا، بالتحرير والتحليل والتعليق المتقن.
