هل بقي فينا ما يكفي من ضميرٍ ليقول كفى؟.. “الوخز بالكلمات ” بقلم “سعدية الياس” – التايمز نيوز
رأي

هل بقي فينا ما يكفي من ضميرٍ ليقول كفى؟.. “الوخز بالكلمات ” بقلم “سعدية الياس”

كلّ يوم يكتب التاريخ فصحة جديدة من فصوله المظلمة، والفاشر هذه المرّة تُقرعُ ناقوس الخطر بصوتٍ أعلى. ما نراه ليس مجرد معركة على أرض، بل جرح عميق في وعي الأمة: آلافٌ يفرّون، مستشفيات تُستهدف، وأسر تفقد آخر ملاذ لها. هذا الألم لا يختزل بخريطةٍ أو بحسابات سياسة قصيرة النظر — إنه سؤال إنساني وجودي: هل بقي فينا ما يكفي من ضميرٍ ليقول كفى؟.

لن نتظاهر بالحياد أمام الحقيقة: فصراعنا الداخلي استُغِلّ وأحيانا ما يزال يُموَّل ويدعَم من قوى خارجية لها حساباتها. هذه التدخلات لا تخدم الشعب ولا تحمي الحدود — بل تشتت تمرّد الوطن وتعمّق الانقسام. من يتصرف كأنه يملك خريطة مصالح إقليمية بإنذارات الربح والخسارة، ينسى أن كلّ شبرٍ من أرض السودان، وكلّ طفلٍ وأمٍّ وشيخٍ، لهم حقوق وطنية لا تقاس بردود أفعال دولٍ أو بأثمانٍ سياسية.

الغلابة هم الخاسرون الحقيقيون: المواطن البسيط الذي يُكبَل بين ثأرٍ ومصالح، يدفَع ثمن الكراسي وعمليات الحسابات الإقليمية. لا تنخدعوا بامتصاص الشعارات أو بحملاتٍ مموَّلة تصوغ الراي العام؛ الغلابة لا يملكون صحفًا تُشترى ولا شبكاتٍ تدفع لهم أجر الإذاعة. هم الضحايا الذين يحترقون الآن في مخيمات النزوح، والذين يصلون إلى مراكز الإيواء جائعين ومرهقين وبدون أمل واضح.

نقولها بصراحة: وطنٌ لا يحمي إنسانيته لا يستحق أن يُحكم باسم الوطن. قادتنا — رجال الدولة والمؤسسات الوطنية — عليهم واجب وطني لا تفاوض عليه: حماية المواطن، إبعاد البلاد عن لعبة الوكلاء الإقليميين، وإرساء حدّ للمناورات التي تزرع الفتنة والعنصرية. إن صمود الشعب السوداني ليس أسطورة بل واقع تاريخي: عندما يكون الظرف اقتتالًا خارجياً حقيقياً يهدد وجودنا سيقف السودانيون — كما عرفناهم — جنبًا إلى جنب دفاعًا عن أراضيهم وكرامتهم. ولن يسمحوا بأن تُستغلّ التضحية الوطنية لتمرير مشاريع تقسيم أو غِنى جهات بعينها

لا نريد أن نكون شهود فجور على دماء إخوتنا. إن غياب الضمير يجعلنا شركاء في الجريمة الجماعية. فليقم كلّ من يملك كلمة أو نفوذ أو قلم أو قلبٍ حيّ بالمسؤولية الآن — قبل أن تتحوّل خريطة الوطن إلى ركام لا يرحم ولا يعود. السودان لنا جميعًا، وكلّ شبرٍ فيه يستحق أن يعود إلى حضن إنسانيتنا المشتركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى