ترقيات الضباط.. موكب الدبابير بقلم: سماح طه

من يومين، والفيسبوك شغال “حفلة ترقيات”. بعض الصحفيين، ومعاهم جوقة مطبلاتية المحتوى، ملأوا التايم لاين بعبارات من شاكلة: “مبرووك يا سعادة اللواء.. قدها وقدود يا سيادة العميد”. كأننا أمام فتح مبين لا مجرد إجراء روتيني في دفتر الجيش.
الحقيقة البسيطة أن الترقية العسكرية جزء من المسار الوظيفي العادي، مثلها مثل ترقية موظف في أي مؤسسة. ضابط يخدم سنوات، يترقّى رتبة، أو تتوقف مسيرته إذا رأت القيادة ذلك. لكن عندنا، تتحول الترقية إلى “عرس جماعي” يشترك فيه الصحفي والمطبلاتي، ويبدو وكأن الأمة كلها خرجت لاستقبال النبأ السعيد.
الصحفي الذي كان يُفترض أن يكون عينًا على السلطة، صار عينًا تدمع فرحًا مع السلطة. يخلع عباءة المهنية ليرتدي جلابية العلاقات العامة، ويغدو مجرد رقم في جوقة المديح. هل هذه صحافة أم وكالة دعايات مجانية؟
والأدهى، أن مطبلاتية الفيسبوك دخلوا الخط: منشئو المحتوى الذين لا يفوتهم موكب ولا يضيعون فرصة في جمع الإعجابات. فجأة، امتلأ الفضاء الأزرق بدبابير لا تهدأ. زعيق وصراخ، بلا عسل ولا جدوى.
المؤلم أن البلد يترنّح تحت أزمات خانقة، فيما إعلامه مشغول بالتصفيق لرتب جديدة، وكأن الترقية العسكرية إنجاز وطني يغيّر الواقع.
إنه سقوط مهني كامل. فالصحفي الذي يلهث خلف السلطة ليكتب لها بطاقات التهاني، يشيّع آخر ما تبقى له من مصداقية. وصدق المثل: من باع نفسه للتصفيق، لا يلوم الناس إن وضعوه في الصفوف الخلفية.