بناء الديمقراطية.. هل يمكن رؤية التربية الديمقراطية في المناهج التعليمية – التايمز نيوز
سياسة

بناء الديمقراطية.. هل يمكن رؤية التربية الديمقراطية في المناهج التعليمية

الخرطوم – مهند عبادي
يقول المدير العام للمركز القومي للمناهج والبحث التربوي دكتور معاوية السر قشي إن البحث عن صيغة مثلى تضمن غرس القيم الديمقراطية في التلاميذ عبر منهج دراسي صفي ولا صفي تعتبر واحدة من الشواغل الأساسية لخبراء المناهج في البلاد ، وأن المركز القومي يجتهد في الوصول الى تحقيق المسألة التي يبحث التربويين عن وضعها في مناهج التعليم العام، واستعرض قشي في ورقة علمية قدمها بمنتدى بناء الديمقراطية محاور عدة تتعلق بالعقبات والحلول لتكون التربية الديمقراطية ضمن مناهج التعليم بالبلاد، وأكد أنهم يراهنون على أجيال المستقبل أكثر من الحاضر سيما وأن الأمر لا يمكن تحقيقه الا في مجتمع مؤومن بالديمقراطية بشكل كامل وهو ما لم يتأتى في ظل العقلية السلطوية المسيطرة على المجتمع حاليا، ويضيف قشي أن هذا التحول يتطلب ايجاد بيئة معينة وإعداد الأجيال القادمة للأمر ، وقال لابد ان يكون المنهج معتمد على المجتمع في رأي تقدم القيم مع الديمقراطية. ولفت قشي الي أن معايير ومؤشرات الديمقراطية، تحدد ديمقراطية أي نظام من خلال المعايير والمؤشرات التالية:حفظ الحريات الفردية السياسية، التفكير، التعبير، التنظيم، التظاهر، الإضراب،
احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حرية الجماعات الدينية والإثنية والثقافية في ممارسة دياناتهم وثقافاتهم، وضمان المشاركة المدنية والسياسية لكافة المواطنين دون تمييز، فضلاً عن وجود أحزاب سياسية فاعلة تعمل في بيئة حرة،واجراء إنتخابات حرة نزيهة،وأعمال المساواة أمام القانون، مشيراً إلى أهمية استقلال السلطة القضائية، وحرية واستقلال الإعلام بكافة أشكاله، واضاف لابد من خضوع الحكومات بكافة أجهزتها المدنية والعسكرية للمساءلة والمحاسبة الرقابة، بجانب محاربة الفساد، والحماية من التعذيب والاعتقال التعسفي والنفي والفصل والتدخل في الحياة الشخصية، وتابع بالقول أن توازن السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.
وشدد قشي على ضرورة تعدد مصادر المعلومات، ومنظمات المجتمع المدني، ومنظمات العمل، مسؤولية المدنيين عن المؤسسات العسكرية والأمنية .
ونوه الى اهمية مشاركة المرأة والشباب بشكل فاعل في المجتمع، لافتاً الي أن مشكلة الديمقراطية، هي استبداد الأكثرية، فالديمقراطية التمثيلية تجعل الحكم للأكثرية، مما يتسبب في تهميش الأقلية واستتباعها، وهذا طبعاً يكون على حساب حقوق الأقلية والديمقراطية التي تنفصل عن فكرة الحقوق، واضاف يمكن التقليل من استبداد الأكثرية عبر تقييد دستوري لحكم الأكثرية ، يكفل للأقلية مساحة لممارسة حقوقها،واردف بالقول كذلك نجد أن النقاش العام هو أحد آليات الحد من استبداد الأكثرية ، وذلك من خلال إيجاد مناخ تواصلي وحواري، يسهل توليد مواقف وآراء تعبر عن الجميع، وزاد بالقول ان الشعب والنخبة الحاكمة، كون السلطة تنحصر في نخبة محدودة من الناس، فإن هذا يطرح مشكلة سوء استخدام السلطة والاستبداد ، وتفرد النخبة الحاكمة بالقرار بمعزل عن رأي وشراكة المواطنين.
ويرى مدير المناهج الي أن البعض في إطار حل هذه المشكلة أن يحسن المواطنون اختيار من يمثلهم،منوهاً الى ان إشراك المواطنين في اتخاذ القرار بات ممكناًعبر وسائل الاستفتاء ، لاسيما مع تطور تقنيات التواصل والتفاعل، وتابع بالقول أن صعوبات تطبيق الديمقراطية، وانها تعاني أكثر الدول التي تشهد تحولاً ديمقراطياً من الصعوبات الثقافية،فالسمة الابرز لها أن الأنظمة التي كانت تحكمها سابقاً، أنظمة شمولية،وهي بالطبع التشجع على التثقيف العام، وخصوصاً السياسي،بقدر تشجيعها للأمية عموماً، و الأمية في المواطنة والحقوق العامة والسياسية خصوصاً،والطريقة الأمثل لمواجهة هذه الصعوبات توجيه الشعب نحو الثقافة الانتخابية والسياسية، وتوعية المواطنين بحقوقهم
المواطنيةوالسياسية، وزاد بالقول نحن هنا نؤلف بين مفهومين: مفهوم التربية، ومفهوم الديمقراطية، وزاد بالقول فالتربية في أحدث تعريفاتها هي العملية الهادفة إلى إحداث تغيير إيجابي في سلوك المتعلم، من خلال إكسابه المعارف والمهارات والقيم اللازمة لذلك.

الأستاذ مبارك يحيى قال في تعقيبه على قشي إن هناك حاجة ملحة الى وضع التربية الديمقراطية في المناهج وأضاف أن المناهج الدجراسية ينبغي أن لا تقوم على المعلومات فقط ، مشيرا إلى ان التطورات الحالية بالعالم أتاحت المعلومات والمعرفة ولا بد من العمل على ادخال القيم في المناهج، ولفت يحيى الى أنهم قبل سنوات كانت لديهم تجربة لوضع مادة باسم التربية السكانية في المناهج تعنى بمعالجة قضايا السكان المختلفة في المجتمعات السودانية ولكنها فشلت ونبه إلى أهمية أن تكون القيم حاضرة بالمناهج، ودمجها مع المعلومات ان أمكن الأمر وأوصى بوضوح مواقع القيم يف المناهج وربطها بالامتحانات حتى ترسخ في أذهان التلاميذ .
وفي السياق قال الدكتور النور حمد إن التربية الوطنية تهدف إلى إيقاظ الحس الوطني في التلاميذ وحثهم على الدفاع عن الوطن وحمايته، وأن دروس التربية الوطنية يمكن أن تكون موجودة حتى في الانظمكة الشمولية والفاشية والنازية، بينما تهدف التربية المدنية إلى تشكيل انسان متمدن يعيش في مجتمع حديث لافتا الى المشكلات الكثيرة التي يعانيها الشعب السوداني وغياب السلوك المتمدن في الشارع العام، ونبه حمد إلى ان التربية الديمقراطية تعد جزء من المدنية، وتحقيقها وغرسها في التلاميذ يحتاج إلى ممارسة جادة في الفصول عبرابداء الاراء والنقاشات بين المعلم والتلاميذ والاستماع لهم، بدلا عن الأجواء السلطوية المسيطرة على الواقع الحالي فضلا عن إشراك التلاميذ في صناعة القرار المدرسي، ومن جهتها قالت البروفيسور الشفاء عبدالقادر الخبير التربوي إن الأمر مرهون بايجاد نظام تربوي جديد يمكن عبره تربية وتغذية الأجيال الجديدة لاستيعاب المفاهيم المتعلقة بالديمقراطية ، مؤكدة أن المعلم يعتبر رأس الرمح في تنفيذ المنهج ولابد من تدريبه على الأمر ، وينبغي أن يكون مؤمن بالديمقراطية ومؤهل لترسيخها لدى التلاميذ وقدوة لهم، مشيرة إلى أن المنهج الخفي المتمثل في سلوك المعلم هو المحك الاساسي والذي عبره يستقي التلاميذ المفاهيم ويعملون على تقليد المعلمين، وبدوره شدد الاستاذ ياسر عبدالرحمن علي طه على أهمية توفر الإرادة السياسية لاصلاح التعليم ووضع سياسية تعليمية واضحة ، والابتعاد عن الصفات السائدة بالمجتمع حاليا والمتمثلة في الأنانية ووعدم القدرة على التعامل مع الآخرين، وضرورة الاهتمام بالجغرافيا المحلية والجمعيات الطلابية،إلى ذلك قالت الاستاذة قمرية عمر إن غرس قيم الديمقراطية في التلاميذ يحتاج الى أرض خصبة وشددت على ضرورة الصرف على التعليم باعتبار أن المال هو العقبة الاساسية أمام تنفيذ المناهج الدراسية، وأكدت أن تدريب المعلمين ضرورة لغرس هذه القيم ، مشيرة إلى الن المعلمين حاليا بعيدين عن هذه القضايا وغير مدركين حتى للقوانيين ولحقوقهم وأن الديمقراطية مفقودة حتى داخل المدارس التي يتحكم فيها المدراء بسلطوية تامة ، وكذلك الأمر في المكاتب التعليمية والوزارة.
وبدوره دعا الفنان أبوبكر سيد أحمد إلى حسم قضية الهوية في الأول والاعتراف ببعضنا البعض، وتدريب الطلاب على احترام خيارات الغير، وقال سيد أحمد إن قضية التربية الدينية مطلوبة بقدر يدعم التحول الديمقراطي وأضاف أن المشكلة ليست في الاديان ولكنها يف المتطرفين، وتابع أن جوهر الأديان جميعها جيد ويمكن أن يسهم في التربية الديمقراطية ، ونوه أبوبكر إلى أن الفنون يمكن أن تلعب دورا كبيرا في ايصال الرسائل، وهو الأمر الذي أكد عليه الفنان طارق الامين ايضا بقوله إن الفنون توصل المفاهيم بشكل كبير جدا، وأشار إلى أن للمرأة دور كبير في التعليم وتعتبر وسيط جيد لغرس مفاهيم الديمقراطية وينبغي تدريبهن على ذلك، فضلا عن الاهتمام بالالعاب داعيا الى تضمين العاب بسيطة في المناهج يمكن أن تشكل مدخلا لتاسيس الديمقراطية وسط التلاميذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى