بعيداً عن السياسة .. قريباً من الفنون.. “التسوي بي ايدك كان ديناصور مابفيدك” بقلم.. د. شمس الدين يونس – التايمز نيوز
رأي

بعيداً عن السياسة .. قريباً من الفنون.. “التسوي بي ايدك كان ديناصور مابفيدك” بقلم.. د. شمس الدين يونس

في العام ١٩٩٣ و تحديد في يوليو ، ساقتني قدماي مدفوعتين بطموح ماكبثي الي المدينة التي تموت من البرد حيتانها كما وصفها الطيب صالح أو مدينة الضباب كما يحلو لاخرين نعتها…قصدتها سادتي ابتغي علما مسرحيا اقتفي به اثر استاذي د. عثمان البدوي .فكانت وجهتي نفس الجامعة التي درس فيها فتم قبولي لدرجتي ال Mphil/PhD. ماجستير / دكتوراة الفلسفة في علوم المسرح .او هكذا تقول الأوراق.
فكانت وجهتي جامعة لانكستر شمالي بريطانيا ،حيث منطقة البحيرات الlake district موطن الشاعر ويرثويرث و حيث تلك الكنبة التي علي باب داره و مكتوب عليها .it is free like air. مجانية الجلوس كما الهواء الطلق.
المهم في الامر سادتي ، حتي لا أطيل عليكم الاستطراد. انني ومنذ ان حطت طائرة الخطوط الجوية اليمنية علي احد مدرجات مطار قات ويك . لاحظت ان هناك بوسترات باللون الأسود و الأحمر للكائن الاسطوري و الخرافي المنقرض(الديناصور)تملأ ردحات المطار و مكتوب عليها Jurassics Park. في بادي الامر لم أعر الامر اهتماما .. و ما ان خلصت اجراءات الجوازات و خرجت الي محطة القطار الذي يقلني الي وسط البلد ، لأخذ البص الي بيت السودان بمنطقة روتلاند قيت حيث ساقضي الليلة هناك ثم أشد الرحال الي لانكستر …وفي طريقي الي بيت السودان ..مازالت اللوحات و البوسترات تملأ الأفق و اسم الديناصورات في كل مكان…قضيت ليلتي تلك و مازالت صورة الديناصورات تزحم عقلي و مخيلتي ماذا هناك … ولكني لم اسأل أحدا عن الامر كعادة السودانيين لا نقف علي التفاصيل فلا ندرك الكليات…ولا تسترعي انتباهتنا بعض الاشياء و دلالاتها….وفي الصباح الباكر خرجت اتجول في المنطقة قبل الذهاب الي لانكستر …فكانت دهشتي ما ان ادخل الي محل تجاري..بقالة مكتبة الا و كانت صورة الديناصور تملأ المكان… و الشئ الأكثر ادهاشا هو عندما دخلت الي مكتبة لبيع الأدوات المكتبية Stationary وجدت كل شئ ديناصورا الكراسات و الأقلام شنط المدرسة و التي شيرتات علب الهندسة كل شئ ديناصورات …. هنا بدأت أتساءل بيني وبين نفسي…ماذا وراء ذلك (أن في الأمر عجب ) …. ولكني لم اسأل أحدا… فقط حديقة الديناصورات.. لا واصف و لا موصوف او اي من تفاصيل اللغة لتستجلي الامر … ..
وفي مساء اليوم التالي شددت الرحال الي لانكستر و مازالت صور الديناصورات تملأ الأماكن..الحدائق..المباني تقاطع الطرقات المحال التجارية … القصور و كل المناطق الحيوية … وصلت محطة فكتوريا لأخذ البص الي لانكستر..وتلك قصة اخري لسنا بصددها الان … والديناصورات تملأ الأماكن.. من محطة فكتوريا مرورا ببيرمنجهام الي لانكستر … وصلت و في انتظاري الصديق صلاح محمد عثمان مهندس هذه الرحلة فاخذني الي المنزل حيث يقيم في لانكستر …وفي الصباح بعد العاشرة صباحا اخذني الي Shopping في احد المحال التجارية … ياللعجب مازالت الديناصورات تملأ الأماكن…هنا لم اتمالك نفسي فسالته لماذا كل شى ديناصورا….؟؟؟!!!!قال لي ماذا تعني ؟؟؟ أخبرته بكل الذي قلته لكم اخوتي…. علت وجهه ابتسامته المعهودة… ليس هناك غير فلم بعنوان حديقة الديناصورات سيعرض قريبا… هنا …. بدأ الامر و لماذا كل هذه الكثافة الإعلامية و الإعلانية… فقط لمشاهدة الفلم …ليست الأشياء بهذه المجانية …
– و ما حقيقة الامر
– نتناول وجبة الفول ثم أخبرك بالأمر
– حسنا
جلسنا الي المائدة فول و فلافل …. فبدأ يحدثني عن الفلم : كل الامر يا صديقي ان هناك فلم سيعرض في دور العرض باسم حديقة الديناصورات …من إخراج ستيفن سيبلبرج وهو احد أشهر مخرجي هوليوود…
– و لم لا نذهب لمشاهدت هذا الفلم و نستجلي الامر. ….؟
– وفي الأسبوع التالي؛ بدأت دور العرض تعرض الفلم …فقررنا ذات جمعة الذهاب الي دار العرض بلانكستر و حجزنا مقاعدنا و اشترينا عبوتين من الفشار و المكسرات و الكولا و دلفنا الي مقاعدنا … و بدأ الفلم الذي تدور قصته حول انشاء حديقة للحيوانات المنقرضة في احدي جذر كوستاريكا فكان هناك رجل أعمال ثري يدعي جون هاموند يحلم بإنشاء حديقة للحيوانات المنقرضة في كوستاريكا النائية..يتم استنساخ عدة فصائل من الديناصورات عن طريق
اخذ المادة الوراثية الخاصة بالديناصور من حشرة بعوضة وجدها احد علماء الاثار داخل قطعة من الكهرمان القديم ، حيث تدور أحداث الفلم بعد ذلك بأن صاحب الزرعة و معاونية يفقدون زمام السيطرة علي الديناصورات و تخرج الديناصورات من محبسها لتنطلق في المدينة لتنشر الرعب و الدمار فادخلت الرعب في قلوب السكان الآمنين فبعضهم اخذ اغراضة وهاجر تاركا وراءه كل ممتلكاته؛؛ نشاهد في الفلم صور الدمار و السيارات المحطمة فبدأ الناس يتدافعون للخلاص من الديناصورات التي استولت علي مفاصل الأمور في الجزيرة …و لايزال الناس يكافحون وسط الدمار و الخراب…
ولكي نكون قريبا من الدراما و ان الدراما لا تحدثنا عن شيء قد حدث بالفعل و لكن عن أشياء يمكن أن تحدث ، علي حسب ارسطو… لذلك الدراما أصدق من التاريخ .
و التسوي بي ايدك يغلب اجاويدك…فهل يسهم الإنسان في إفساد الأرض بطموحاته و رغباته و مسعاه للخلود الذي هو صفة من صفات الله.. وهل يأبق الإنسان من ملك ربه فيخرج من أرض له و سماء…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى